للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أسست من أحلامهم بقواعد ... ورفعت من أخلاقهم بعماد

أما أبو الهول فقد أفرد لمناجاته قصيدة طويلة أفرغ فيها ما مر به من خواطر وهو يقف أمام هذا التمثال الخالد الغامض، فسأله عن هذا البقاء المتطاول وإلى أية غاية ينتهي:

إلام ركوبك متن الرما - ل لطي الأصيل وجوب السحر

تسافر متنقلا في القرو - ن، فأيان تلقى غبار السفر

أبينك عهد وبين الجبا - ل، تزولان في الموعد المنتظر

ويسأله عن سره الذي يخفيه بين جنبيه، وقد تحير فيه وضل من بدا من حضر، ثم يمضي في سؤال أبي الهول عما رآه من أحداث وما شاهده من العبر:

فحدث فقد يهتدي بالحدي ... ث، وخبر، فقد يؤنسني بالخبر

ألم تبل فرعون في عزه ... إلى الشمس معتزيا والقمر

ظليل الحضارة في الأولي ... ن، رفيع البناء جليل الأثر

يؤسس في الأرض للغابر ... ين ويغرس للآخرين الثمر

وراعك ما راع من خيل قمب ... يز ترمي سنابكها بالشرر

جوارف بالنار تغزو البلا ... د، وآونة بالقنا المشتجر

ويظل يسأله عن كبار هذه الأحداث حتى ينتهي إلى العصر الحديث فيطمئن على مصير مصر التي تيقظ أبناؤها ومضوا يطالبون كبار الأمور وجلائل المعالي.

ومن أجمل الآثار التي وقف عندها شوقي، واستوحى لديها عظمة تاريخ هذا الوطن قصر (أنس الوجود) بأسوان، وقد أجاد في وصفها ووصف ما أوحت به إليه من خواطر شتى في تاريخ مصر القديم، ولا زلنا نحفظ لشوقي قوله في وصفها:

رب نقش كأنما نفض الصا ... نع منه اليدين بالأمس نفضا

ودهان كلامع الزيت مرت ... أعصر بالسراج والزيت وضا

وخطوط كأنها هدب ريم ... حسنت صنعه وطولاً وعرضا

وضحايا تكاد تمشي وترعى ... لو أصابت من قدرة الله نبضا

ومحاريب كالبروج بنتها ... عزمات عن عزمة الجن أمضى

ومقاصير أبدلت بفتات ال - مسك تربا، وباليواقيت قضا

<<  <  ج:
ص:  >  >>