ولما أخفق الهجوم الألماني أمام حصون (فردان) طلب إلى المريشال فون هندنبرج في أوائل أغسطس ١٩١٦، أن يخلف فالكنهاين في منصبه وألحق مؤلف الكتاب كمساعد للجنرال لودندورف، يد هندنبرج، اليمنى، وقد بقي يشغل هذه الوظيفة حتى مات مولتكه في يونية من السنة التالية، فخلفه الجنرال لونجهوفن في وظيفته، أي شغل منصب الرئيس المنتدب برئاسة أركان الحرب بأقسامها التي بقيت في برلين، وكان عملها قاصراً على المسائل الفنية الصرفة ولا تتدخل في تنسيق العمليات الحربية وسير القتال في الجبهات.
وقد أنعمت عليه حكومته عقب توليه هذا المنصب بوسام الاستحقاق من طبقة السلم. فكان هذا الإنعام دليل تفوقه وأهليته وخير اعتراف رسمي له بأنه أقدر الكتاب العسكريين في الجيش البروسي.
والمعروف أن الذي أنشأ وسام الاستحقاق في طبقاته العسكرية هو فردريك الأكبر عاهل بروسيا، وقد جرت التقاليد بالإنعام به على القواد والضباط الذين يظهرون مهارتهم في الحروب، أما وسام الاستحقاق للسلم، فقد أنشأ فردريك وليم الرابع عام ١٨٤٢ وأوقفه على من يظهر قدرته على الكتابة في الفنون العسكرية من الوجهات النظرية والعلمية البحتة، وعليه فإن حصوله على هذا الوسام دليل تقدير لمؤلفاته وأنها بلغت درجة كافية من النضوج تجعله أول ضابط حصل على وسام الاستحقاق من طبقة السلم في زمن الحرب.
لقد كتب المؤلف كتابه (دروس من تجارب الحرب العظمى) والحرب القائمة، ثم طبع بعد انهزام ألمانيا ولم يكد يظهر في عالم المطبوعات حتى تلقفته الصحافة بتعليقاتها المستفيضة، وقد لفت الأنظار إليه ما جاء في بعض فصوله عن مستقبل الجيش الألماني وخاتمته التي تقول (لا نزال مستعدين للحرب)
وأدى نشر فصوله على هذا الملأ أن أخذت الجرائد تناقشها بحرارة وحماس وتشرح بإسهاب الطرق التي لا بد أن تتبعها ألمانيا بعد انكسارها في الحرب لتستعد إلى دخول حرب أخرى، فاضطرت الحكومة الديمقراطية أن تضيق على الصحافة وأن تحول دون نشر تعليقاتها على الأفكار التي تضمنها الكتاب، ولكنها شجعت نشره في داخل بلادها ومنعت إرساله للخارج فلم يتعد ما تسرب منها إلى البلاد الأجنبية عدداً محدوداً.