ونظرة لهذا الكتاب تجعلنا نحكم بأنه خطوة تمهيدية لتاريخ الحرب العالمية الأولى، فهو مؤلف موجه للشعب الألماني لا لرجال الجندية، ولذلك عده البعض شبيها بكتاب المارشال مولتكه الكبير الذي قاد الحرب الفرنسية الألمانية ١٨٧٠ وخطه بقلمه وهو في ميدان القتال بفرنسا، وقدمه للشعب وللأجيال القادمة التي لم تكن وجدت في ذلك الوقت، فنشأ على قراءته وتربى على أفكاره ومبادئه جيل من الناس بأكمله، هو الذي عاش بين سنة ١٨٧٠ وسنة ١٩١٤ ومن هذا الجيل نشأ الجيش الذي خاض معارك الحرب العالمية الأولى.
وكذلك كتاب الجنرال كتاب الجنرال لودنجهوفن أثر في الأجيال التي جاءت بين سنة ١٩١٨ وسنة ١٩٣١ أي بين هزيمة ألمانيا الأولى ثم قيامها تحت نظام النازية ودخولها الحرب العالمية الثانية: لأن الدعوة التي تبناها مؤلف الكتاب يقول بطرح المبادئ العالمية والإقلاع عن أفكار السلام الدائم، والأخذ بفكرة إنشاء نظام عسكري جديد لألمانيا موطد على دروس الحرب العالمية الأولى ومدعم بتجارب القاسية ومعتمد على تقديم العلوم الحديثة وتطور فنون الحرب، ويدعو إلى أن تخلق ألمانيا لنفسها من هزيمتها نصراً، وهذا ما وفق الشعب الألماني إليه بين حربين، إذ جعل من تعاليم صاحب الكتاب دوافع نفسية مكنته من تنظيم أكبر قوة عسكرية في العالم وأضخم آلة قتال رآها الناس في الفترة التي وقعت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وهو من القائلين بأن الحرب غريزة متمكنة من طبيعة البشر، فكما أن طبيعة الناس لا تتغير فالحرب ستبقى ملازمة للإنسان في مستقبل أيامه كما لازمته آلاف السنين وعشرات القرون.
وهذه عقيدة تملكت الشعب الألماني الذي ألف الحروب ونشأ مندربا تحت السلاح، ولذلك تقبلت هذه العقيدة عقيلة الجماعات، فأصبحت حقيقة منطقية ثابتة وإيمانا لا يحتمل الشك ولا يتطرق إليه التردد والضعف. وهو يقول أن الروح العسكرية ليست اختراعاً أوجدته بروسيا لنفسها أو عارية أخذتها عن الأمم الأخرى، وإنما الروح العسكرية هي بروسيا نفسها. ولما كانت بروسيا أقوى دول ألمانيا، فليس لدى الألمان أحزاب سلم وأحزاب حرب، وإنما هناك أمة واحدة تقدس الواجب، وتؤمن بعظمة الجيش، وكل اتجاه يخالف هذا القول يعد هراء من قبيل إضاعة الوقت، أو المناداة بفكرة لا يأبه لها ألماني واحد وهو