يجهر في مقدمة كتابه بقوله (أن الواجب يفرض علينا أن نكون على بينة وتثبت من الدروس والتجارب والحوادث التي كانت نتيجتها وخيمة علينا، أنه فرض علينا أن نبحثها وندرسها ونحللها في أقسام الجيش وهيئات الحكومة، إننا دفعنا الثمن غالياً للحصول عليها في ميادين القتال، وفي داخل البلاد وخارجها، فعلينا أن نوجه كل نشاطنا القومي، وما تضعه بين أيدينا أنظمتنا العسكرية من وسائل، لكي نطيل الدرس ونقلب أوجه البحث من غير إمهال أو تردد، ولكن بعزيمة وبصيرة وبدون إضاعة وقت: إذ هنا يبرز الوقت كما يبرز في الحروب كعامل فعال له وزنه وقيمته).
(إننا لا نستطيع أن نستخلص الآراء الصائبة التي تنفعنا أو تحدد النتائج العلمية التي تصلح لنا، إذا قصرنا عملنا على النواحي العسكرية وحدها، فهي مع أهميتها القصوى لا نستطيع فصلها عن تطور السياسة العالمية إزاءنا، ولا نتمكن من الاستفادة من هذه الدراسة إذا أهملنا التدقيق في الأحوال الاقتصادية العامة وما أصاب بلادنا منها، فنحن أمام ما علينا ولا لنا، أي أمام انتصارات ونكبات، والتجارب التي هي في الحالتين مفيدة لنا نعم لكي نعمل في المستقبل على قواعدها ونسير بهديها
(إن الغاية من تأليف هذا الكتاب هو إعلام الجيش والشعب بالآراء الصائبة التي أثبتت الحروب مقدار صلاحيتها ووضع الحقائق والنتائج التي أقنعتنا دروس القتال بصحتها: فنحن أمام حوادث عسكرية منها ما هو من صميم فن الحرب وما هو من عمل السياسة؛ وما هو اقتصادي بحت ولكنها دروس تعلمناها، بدماء أبنائنا وتضحيتهم الكبرى وموتهم في سبيل المثال الأعلى للبلاد: فما أقنعنا الدليل بصحته تمكنا به، وما أظهرت الحرب بطلانه تجنبناه، ودعونا إلى الإقلاع عنه. وما ثبت نجاح شيء منه وبطلان بعضه عملنا على تحويره وإصلاحه ليغلب النجاح عليه.)
وعلى هذا النمط يسير المؤلف في شرح نظرياته وآرائه وتوجيهاته بوضوح وصراحة، فيعرض الحالة السياسية والاقتصادية مدة الحرب لدولتي الوسط - ألمانيا والنمسا - ويعطينا صورة للحالة النفسية للأمة معتمداً سيكولوجية الجماعات وأثرها في رجال الجيش ثم يتكلم عن القيادة وعملها.
وبعد هذه الفصول بأكملها كمقدمة للنتائج التي استخلصها وهي في القسمين الأخيرين من