الألفاظ متين المباني كثير الافتنان في التشبيهات والأوصاف ولم يكن له رواء ولا منظر حسن. وكان لا يحسن غير قرض الشعر وقد وقع ديوانه في ثلاثمائة ورقة ثم زاد عليه وقد رتبه بعضهم على حروف المعجم. وقد قال صاحب معجم الأدباء ياقوت في الصفحة ١٨٤ من جلد الـ١١ قلما جاد شعره انتقل من حرفة الرفؤ إلى حرفة الأدب وأشتغل بالوراقة. وجاء في المعجم لأبي هلال العسكري في الصفحة ١٥. كان السرى الرفاء يطرز الخلق، ويرفو الخرق، وهو في ذلك يسترزق الإبرة، بنفس ملأتها الحسرة. فلولا مجهر مؤرخي الأدب ومدوني التاريخ لأحطنا بشيء كثير من الإبهام والغموض، ولظلت شخصية السرى مجهولة وهي شخصية شخصيتين شخصية العامل المجد الذي يكافح من أجل العيش. يطرز الخلق، ويرفو الخرق، يسترزق الإبرة، بنفس ملأتها الحسرة، فلا يكاد يجد الكفاف الخشن.
وشخصيته الأخرى تناقض هذه الشخصية كما ظهر لنا من تحت المجهر وبينها من النسب المنطقية التباين إذ نجده قائما ينشد سيف الدولة وهو مختال فخور فيقول - ألبستني نعما بها الدجى=صبحا وكنت أرى الصباح بهيما
فغدوت يحسدني الصديق وقبلها ... قد كان يلقاني العدو رحيما
فملأت آفاق البلاد بمنطق ... لولا الثناء عليك عاد وجوما
فسلمت من نوب الزمان ولا غدا ... شانيك من معنى السليم سليما
طلب الملوك شأوك فإنثنوا ... صفر اليدين وخادما وذميما
أن يمسحوا في الحين أن يتكلفوا ... كرم النفوس فقد خلقت كريما
وكأني به وهو ينشد قصيدة هذا ينثر الفضار عليه ويكافأ عن كل قصيدة بألف من الدنانير أو تزيد. وتحترق كلماته صماخ أذن سيف الدولة وهو مصغ لما يقول رغم من قال.
ودع كل صوت غير صوتي فإنني ... أنا الطائر المحكي والآخر الصدى
ولسنا ندري بالضبط متى اتصل شاعرنا بسيف الدولة؛ ولكن الذي ندريه من ضوء المصادر التاريخية أنه لما حسن شعره وبلغ غاية بعيدة من الجودة وحسن السبك قصد سيف الدولة بن حمدان يحلب وأقام عنده إلى أن مات وانتقل بعد وفاته إلى بغداد. ولقد شق هذا الشاعر طريقه حتى تبوأ الصدر من دولة الشعر في زمن سيف الدولة بن حمدان ذلك