الزمن الزاخر بالشعر والأدب المليء بالعباقرة والمغثيين أمثال الأمير الحمدان أبي فراس وعبقري الشعر ونابغة الأدب أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي وغيرهم كثير. وقد استطاع الرفاء أن يأخذ طريقه دون أن يرتطم بتلك الصخرة الجبارة التي كثيرا ما حطمت من فحول الشعر ونوابغ الأدب صخرة أبي الطيب المتنبي. فتأتي مكانته بعد مكانة أبي الطيب مباشرة ثم نراه يمعن في إكرامه والإنعام عليه كما نراه يمعن في مديح سيف الدولة فيقول -
أما الخيال فما يغب طروقا ... يدنو يوصلك شائقا ومشوقا
وفي فحقق لي الوفاء ولم يزل ... خدن الصبابة بالوفاء حقيقا
ثم يقول منها
أهوى أنيق الحسن مقتبل الصبا ... وأزور مخضر الجناب أنيقا
راح الغمام به خفيفا ثوبه ... وغذا به ثوب النسيم رقيقا
هي غذرة للدهر غادرت الهوى ... بعد الوفاء مكدرا مطروقا
لا ألحظ الأيام لحظة وامق ... حتى يعيد زماننا المرموقا
وركائب يخرجن من غلس الدجى ... مثل السهام مرقن منه مروقا
والفجر مصقول الرداء كأنه ... جلباب خود أشبعته خلوقا
أغمامة بالشام شمن بروقها ... أم شمن من بشر الأمير بروقا
ملك تسهل بالسماح يمينه ... حزنا وتوسع بالصوارم ضيفا
رحب المنازل ما أقام فإن سرى ... في جحفل ترك الفضاء مضيقا
ما انفك يطلع بالحتوف على العدا ... صبحا ويطرق بالحمام طروقا
فإذا جرى للجد نال صبوحه ... سيفا ونال الناس منه غبوقا
وإذا طمى بحر الكريهة خاضه ... فأمات من عاداه فيه غريقا
مهلا عداة الدين إن لخصمكم ... خلقا بإرغام العدو خليقا
وهكذا تراه وقد انقادت إليه المعاني وشوارد الكلم فيصيره عقد نظيما من الشعر يلبسه جيد الدهر والخلود كأنه المعنى ببيت أبي الطيب.
أنام ملء جفوني عن شواردها ... ويسهر الخلق جراها ويختصم