للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العيون التي كنت أرى فيها بحيرة هادئة ضل بها زورق السعادة ماذا بها؟ لكأن الزورق عثر على الشاطئ المنشود وخلف البحيرة الهادئة تصخب بأمواج الدموع!

الثغر النشوان الذي عشقته البسمات ما له ينتقض كأنه جناح طائر خضبه دم السكين!!

أين يا رب ذهبت فتحية الأولى؟ ومن أين جاءت تلك الأخرى؟ أجل تلك الأخرى لم أرها من قبل! أوه لم أرها من قبل؟ ذاك محض افتراء. أنني رأيتها، أجل رأيتها ولكن أين كان ذلك؟ أفي الحلم؟ أم في اليقظة؟ أم في الخيال؟. . . آه يا رب أنها هي. . . فتاة أحلامي التي كنت أصفها في الخيال تلك التي كانت تقف دائما وراء قلبي لا تترك الفتاة الأولى تدخل فيه. . .

العيون المبللة بالدموع، القسمات المغلفة بالأسى والشجن، الجمال الفاتن حين يبدو إلى العين في إطار حزين. . . كل ذلك أصبح الآن أمامي يهز قلبي في عنف. . . ولكنني لا أستطيع أن لأمد يدي إليه. . . يدي التي كانت منذ لحظات توصد أمامه أبواب الأمل. . لم أفق من تأملاتي الثائرة إلا حين أرادت هي أن تنفلت في هدوء وهي تتمتم بصوت جريح مبروك. . . مبروك. . . حاولت عبثا أن أستبقيها بين ذراعي وأنا أهتف بها كالمجنون أقسم لك أنني أحبك. . . أحبك: ولكن أعظم قوة في الوجود لا تستطيع أن تقنعها بأنني أحبها، ولست أعطف عليها فقط وإلا؛ فما الذي دفعني إلى هذا المسلك؟!

وهكذا ترى أنني حين حاولت أن أستبقيها بين ذراعي كنت أشبه بمجرم يحاول أن ينكر اعترافه أمام حبل المشنقة. . . لقد ذهبت يا صديقي وخلفتني وحدي لأقول نفس القافلة إلى المصير المجهول، ولأهمس في أذنيك هذا الهمس الحزين: لاشيء، لا شيء غير أن الأقدار أرادت أن تسخر فلم تجد غيري لتسخر منه، أو أنها أرادت أن تمثل مأساة ساخرة فلم تجد غير قلبي مسرحا يصلح للتمثيل. . .

محمود أبو المعاطي أبو النجا

مجمع فؤاد الأول للغة العربية

لجنة الأدب

مسابقات مجمع فؤاد الأول للغة العربية الإنتاج الأدبي سنة ١٩٥١ - ١٩٥٢

<<  <  ج:
ص:  >  >>