وهنا يا صديقي أغمضت عيني حتى لا أرى المصير المظلم الذي ينتظر المسكينة هناك في نهاية الطريق!
ماذا تريدني أن أقول بعد ذلك؟
اقسم لك أنني ما أحسست بالألم الممض العميق مثلما أحسست به وأنا أراها تحت خطى الأحلام في صحراء الوهم وتنثر حبات الأمل في حقول الخيال!!
كنت أعرف أنني الدليل الخادع الذي يقود تلك القافلة من الأحلام نحو المصير المجهول. . .
كنت أحس لنظراتها التي يرتع فيها الأمل ولكلماتها التي يخفق فيها الحنان ولبسماتها التي تنبض فيها السعادة. . . كنت أحس لكل أولئك وخز الإبر ووقع السياط
وما اعنف الآلام يا صديقي حين يقدمه إلى القلب ثغر يبتسم، أو عين تختلج، أو أمل يخطر في قلب عذراء.
كان يجب أن أضع حداً لهذه المهزلة وأن أجد حلا لهذه القصة يخرج بها عن دائرة المأساة. . . كنت أعلم أن كل يوم يمضي جناية لا تغتفر في حق هذه الأحلام العذراء. . . هذه الأحلام التي تنسج خيوطها على نول الأوهام!
حاولت أن أخرج من حياتها برفق ولكن قلبها كان ساحراً فلم يترك باباً واحداً أخرج منه، وحاولت أن أحبها وأن أفتح لها أبواب قلبي وروحي، ولكن قلبي كان عنيدا فلم يترك لها باباً واحد منه تدخل!!
لم يكن هناك غير باب واحد كنت أعلم أن الضوء الذي سينفذ منه سوف يوقظ من غير شك تلك النائمة في فراش الأوهام. كان ذلك حين قابلتها ذات صباح وأنا أضغط على أعصابي حتى لا أرتعش، ورحت أقول لها في صوت تعثرت حروفه وهي تنطلق بين شفتي. . . يا لك من صديقة مهملة لا تعرف حقوق الأصدقاء! فأجابت في لهفة كيف ذلك؟ فقلت وأنا أنظر إلى الأرض حتى لا أرى أثر الصدمة على قسماتها البريئة. . . لماذا لم تأت ليلة أمس لتهنئتي؟! ألم تعلمني أني خطبت (. . .) بنت عمي. وحين رفعت وجهي رحت أحملق فيها بذهول غريب. . . كانت شيئا آخر لا يمت إلى الفتاة الأولى بصلة. . .