إلى المطبعة. وهكذا حتى يأتي على غاية المقال، لا يتتعتع ولا يتحبس ولا يحتاج إلى مراجعة شيء مما اسلف، ومع هذا تجد المقال سوياً غاية في الحبك وتناسق الأطراف!
ومن العجب العاجب في أمره انه كثيراً ما كان يكتب والغرفة محتفلة بالزوار وأصحاب الحاجات، يرفعون أصواتهم بفنون الأحاديث والجدل بل لقد يأخذ معهم في بعض ما هم فيه وهو ماض لشأنه لا يشغله هذا عنه كثيراً ولا قليلاً!
الشيخ علي الصحفي
ولقد كان رحمه الله، صحفياً بأجمع معاني الكلمة، يكتب المقال الرئيسي كل يوم بيده ويراجع كل ما يدلي به إليه الكتاب من المقالات، ويفض البريد بنفسه، فما رآه كفؤا للنشر إذن في نشره وقد يحذف بعض المقال ويبقى على بعض، فإذا تهيأت الجريدة للطبع وراجعها المصححون تناولها فقرأها من أولها إلى آخرها يصحح ما عسى أن يكون قد فات القوم تصحيحه، ويتثبت من إلا يكون قد دس على الجريدة شيء مما يكره أو يكون قد سقط إليها في سر منه إعلان عن خمر أو غيره من المناكر
وكان على جلالة محله وكثرة المخبرين لديه، يطوف بنفسه كل يوم بأكثر الدواوين في تنسم الأخبار يستخرجها بلطف حيلته من النظار (الوزراء) أو من المستشارين الإنجليز فمن دونهم من عيون الموظفين
وهكذا استطاع الشيخ علي بكفايته وحد عزمه أن يجعل من المؤيد اعظم جريدة في مصر، برغم كل ما كان يعتريها من الكيد، بل اعظم جريدة في العالم العربي كله
من أخلاق الشيخ علي
وقبل أن اختم الحديث في الشيخ علي يوسف أرى لزاماً أن أشير إلى فضيلتين من فضائله البارزة بروزاً عظيماً: أولاهما انه كان خيراً مطبوعاً، ما رأيته سئل الخير قط يستطيعه إلا فعله مهما يكن فيه من عنت ومن إرهاق، وإنه ليفعل مغتبطاً رضياً هاشاً حتى ليكاد يلتمس السائلية الخير إلتماساً، وحتى ليكاد يصدق فيه قول الشاعر (كأنك تعطيه الذي أنت سائله). وإني لأعرف إنه كان يجرد صدراً من يومه في السعي لحاجات الناس ابتغاء رضوان الله، هذه واحدة. أما الثانية فشدة وفائه. ولقد عرفت صلة الرجل بالقصر، ومبلغ ضعفه له. ولقد