للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المجاهدين؟

٢) في البلاد طائفة أخرى انتهازية ماشت جميع الحكومات التي تقلبت على البلاد من ترك وعرب وفرنسيين وسوريين، وتلونت كالحرباء بكل لون، وما برحت تدخر مئونتها من الأصباغ للتلون، فتكون مثلا جمهورية مع الجمهوريين، وهاشمية مع الهاشميين، وديكتاتورية مع الديكتاتوريين، وشيوعية مع الشيوعيين. ولا عجب إذا رأيتها تتدثر مرقعة تجمع أعلام هؤلاء جميعا، هذه الفئة الضعيفة التي لو أعوز الشيطان وجها رقيعا جديدا لم يخطر نمطه أو وضعه وشكله بباله، لابتدعوه له ابتداعا واختلقوه بطرفة عين!! هذه الطائفة الخبيثة مازال أفرادها تعج بهم دوائر الحكومة، وتحفل بهم مجالس النيابة والبلديات والمحافظات.

عرفت (تيمور لنكا) منهم أعرج يتخطر في الجمعية التأسيسية، رأيته بنساب ويتلوى بين (الحوراني والحلي) فنفرت، لا من عرجه وعواره، بل من شره القديم، وأصالته في الخدمة الأمنية لأسياده الأتراك ومن بعدهم الفرنسيين، وقيل لي، أنه اليوم العبد اللين المطواع لأسياده الإنجليز والأميركان، وهو ينادي بأنه هاشمي نوري، ويقول أنه الخادم الأمين للشعب في المجلس التأسيسي الذي سيحوله إلى مجلس نيابي.

هذا نمط عجيب (ونمرة) نموذجية لعشرة أمثاله رأيتهم يتباهون في المجلس التأسيسي ويختالون عجبا.

٣) لم أسمع كلمة رددها كل لسان في سورية مئات المرات غير كلمة (الوعي القومي) لقد سمعت هذه الكلمة الحلوة من السيدات والآنسات المثقفات فوفقت منهن على تفسير طريف لمعنى (الوعي القومي).

سمعت الوزراء ورجال الجمعية التأسيسية يجتهد كل ذات من ذواتهم الكريمة في تعريف (الوعي القومي).

سمعت هراء كثيرا من الشعب فيه فيض دفاق، ووصف حار مبعثه العاطفة الملتعجة بحب (الوعي القومي).

تذكرت الصديق الكريم الدكتور قسطنطين زريق مدير الجامعة السورية واضع كتاب (الوعي القومي). فقلت ما أكثر ما يقرأ الناس المؤلفات فتهتز مشاعرهم دون عقولهم!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>