يورث الذل والعتب، بل يورث الانتقام من الخليفة إذا ما عرض كرامة الشاعر للجرح والثلم. وإن الخليفة لتنفلق نفسه دون بشار يوما، وأن بشار ينشده فيحرمه الخليفة، فينطلق الشاعر إلى بيته فيتفتق ذهنه عن هذه القصيدة الحلوة المرة، الغافرة اللامزة النازلة من الشعر الحر بأرفع منزل:
خليلي إن العسر سوف يفيق ... وإن يسارا في غد لخليق
وما كنت إلا كالزمان: إذا صحا ... صحوت، وإن ماق الزمن أموق
خليلي إن المال ليس بنافع ... إذا لم ينل منه أخ وصديق
وكنت إذا ضاقت على محلة ... تيمعت أخرى ما على تضيق
ثم يختمها بهذين البيتين الرفيعي الشأو الآخذين بذؤابة الإحسان:
وما خاب بين الله والناس عامل ... له في التقى أو في المحامد سوق
ولا ضاق فضل الله عن متعفف ... ولكن أخلاق الرجال تضيق!
وتمتلئ نفس الخليفة سخيمة على بشار، فما يكاد يشي به يعقوب بن داود إلى المهدي، حتى يتذرع هذا باسم الزندقة، ويأمر به فيضرب بالسياط حتى تنقطع أنفاسه.
فيالك من شجاعة تورد صاحبها المتالف، وتحمله على أوعر المراكب ولو قد أبصر بشار لقد نجا!