ألست توافقني على أنه من الخير أن أرجئ طبع ما لدي من كتب، حتى يكون للأدباء نقابة كنقابة المحامين والصحفيين تدافع عن حقوقهم المهضومة؟. . إن الأمل الوحيد أمام الأدباء المصريين هو أن يعملوا على تحقيق هذه الأمنية، ما تحققت وفتحت الأسواق العربية أمام الكتاب المصري من جديد، فإن هذا القلم سيجد من أصدقائه العديدين في مختلف أقطار العروبة ما يدفعه إلى أن يقدم للمطبعة ما لديه من ومضات الفكر وهمسات الشعور!
صرخة الفن الشهيد في العراق:
هي صرخة الشاعر العراقي المطبوع الأستاذ عبد القادر رشيد الناصري. . أطلقها منذ أيام على صفحات (الرسالة) فهزت قلوب المشاعر!
ماذا أقول للعراق؟ العراق الذي يريد لشعلة الفن أن تنطفئ ولرسالة الشعر أن تضيع؟ العراق الذي يعيش فيه بعض أبنائه وهم غرباء. غرباء الفكر والقلوب والروح؟ إن عبد القادر وتر من الأوتار الصادحة بأنغام الحق والخير والجمال، فلماذا يريد العراق لهذا الوتر أن تخمد أنغامه وهو يغني له ويتغنى به؟ أهو يضيق بصوت الحق فلا يسمع، وبمعنى الخير فلا ينظر، ويسر الجمال فلا يطرب، وبصرخة الفن الشهيد فلا يستجيب؟!
ماذا أقول للعراق؟ العراق الذي أرسل عبد القادر ليعب من مناهل العلم في (السربون) ثم عاد فأبعده عن المنهل العذب ليشكو حرقة الظمأ ومرارة الحرمان؟ إنها مأساة. . مأساة أن أرى العراق يحول بين أحد شعرائه وبين نور العلم، وهو بهذا النور سيضيء لوطنه أقباس الأمل ومشاعل الرجاء!
أن مصر المثقفة التي تنادي اليوم بجعل التعليم حقا مشروعا لكل حي مثله في ذلك مثل الماء والهواء، مصر هذه تعلن من فوق هذا المنبر - منبر الرسالة - أنها غاضبة وعاتبة. . غاضبة لأن هذا الشاعر المظلوم قد حيل بينه وبين حق هو أقل ما يجود به وطن على فنان. وعاتبةلأنهذا الحق المشروع قد سلب في عهد رجل يقف في الطليعة من رجال العراق خلقا وثقافة، وهو معالي الأستاذ (خليل كنه) وزير المعارف في القطر الشقيق.!!
ويضيق النطاق اليوم عن عرض هذه المأساة، فإلى العدد القادم من (الرسالة) حيث أوجه الخطاب إلى معالي الأستاذ (خليل كنه) باسم الشعراء والأدباء في مصر والأقطار العربية.