للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلبه، وهدأت نزوات الطيش في فؤاده، غير أنه لم ينس فتاته. . . الفتاة التي تفتح لها قلبه أول مرة فرأى فيها فنونا جميلة من المرأة صاغتها يد الحضارة الصناع، فنونا جميلة جذابة أفتقدها في زوجته الريفية التي حبستها التقاليد القاسية بين أسوار من العمى والجهل.

وهبت أول نسمات الشتاء تحمل طياتها خبر قدوم الفتاة التي أحب فهب يلقاها في نشوة وطرب، وتلاقتا على ميعاد.

واستلب الفتى من وعيه - فنسى عقله ودينه، فانطلق على سننه والفتاة إلى جانبه تجذبه إليها في رفق وتسيطر عليه في هوادة وتلقاه في بشر، وتفتح أمامه باب السينما وتمهد له السبيل إلى المسرح وهو ينقاد لها في سهولة وسير، فانشغل في الدار والزوجة والولد، وطار إلى المتعة لا يعبأ بشيء، ومن ورائه زوجته تتقلب في حرقة الوحدة والريبة، وتتلظى بنار الأسى والضيق، ثم لا تستطيع أن تجذبه إلى الدار ولا أن ترده عن الغواية.

وتيقظ ضمير الفتى - ذات مرة - فأحس بأنه استعبد لفتاة من بنات حواء فشعر بمعنى القيد في رجله والغل في عنقه، فأراد أن ينزع عنه ربقة الذل، ولكن شيطانه هب - إذ ذاك - يتفلسف له فلسفة شيطانية ويوسوس له قائلا - لا عليك - يا صاحبي فهذه هي زوجة القلب تجد إلى جانبها النور والسعادة والمتاع، وتلك هي زوجة العقل تلمس في ظلها السكون والعون والخادم. ولا ضير عليك إن أنت جمعت بين زوجين في آن، لتستشعر لذاذات حرمتها زمانا) فاطمأن الفتى للخاطرة، والفتاة إلى جواره تطمع أن تكون للفتى وأن تكون هولها. وما ترامي لها - بعد - أن الفتى زوج وأب زوج وأب، فراحت تحتال الأمر بطريقة شيطانية صاغتها يد الحضارة الصناع في دقة وإتقان.

وتناهي إليها - بعد حين - أن فتاها زوج وأب فما أزعجها الخبر وما أقعدها عن الغاية التي تصبو إليها فشمرت تبتغي الوسيلة في غير ضعف ولا فتور. ولا عجب فأن في المرأة روح شيطان مارد درب على الختل والخداع والشر يبتغى الغاية فلا تعجزه الوسيلة.

وهمت الفتاة إلى غايتها تتلمس الطريق، ومن ورائها أمها العجوز تدفعها وترسم لها السبيل، وتحدثها (لا بأس عليك فهو يندفع إليك في غير صبر، ويهفو نحوك في غير أناة، ولن يحس عنتا في أن يفتديك بزوجته وأولاده)

وتظاهرت الفتاة وأمها على الفتى الساذج فختلاه عن عقله وعن رجولته، فألقى إليهما السلم

<<  <  ج:
ص:  >  >>