إلى النهوض مما نحن فيه في تكاسل وتناوم جعلنا - نحن الشرقيين - ذيلا للشعوب، وإنما هي تنصحنا بأن يكون نهوضنا عمليا لا يكتفي فيه بطنطنة جوفاء لا تؤدي إلى غاية. وهي تدعونا إلى الخروج على ضلال الأوهام والخرافات الذي لا زال الكثيرون يعمهون فيه فلا يستطيعون التفريق بين حق وباطل.
وليست روحيتنا في التنجيم والفنجان والكف وما دعوته باستحضار الأرواح. . . إلى آخر ما آداك إليه علمك بالروحية، فهذه الخزعبلات لمن عرف الروحية على حقيقتها ليست من الروحية في شيء. والواقع أن دعوتنا لم تقم إلا لتنقية جو الروحية من هذه الصغائر وجلاء حقيقتها الكبرى ليراها الناس، بعد أن عجزت العقول المشغولة بحب المادة عن استخلاص النتائج الدالة على هذه الحقيقة في المقدمات الطبيعية.
ولقد كان يحق لك أن تعترض على عمل (جماعة الأرواح) التي تنظر إلى وجودها بين مصدق ومكذب لأنك لا تلمس أجسامها بيديك، لو أنك كنت قد استطعت بنفسك أن تجعل في عالمك هذا، بعد أن تسلمت قياده وتوليت أمره، عالما تتسع فيه الحياة للناس جميعا، فلا تسمع فيه استغاثة محتاج ولا أنه مريض، ولا يرى فيه تخبط جاهل في ظلمات جهله؛ أما وقد فشلت يا صديقي في أن تحقق في هذا العالم ما توجبه للإنسان إنسانيته، بدليل هذا الفساد الشامل والاضطراب الواقع، فما هو إذا وجه اعتراضك على عمل هذه الجماعة التي وجهها الخالق إلى إخراج عباده مما هم فيه من ضلال وإنقاذهم مما هم صائرون إليه من سوء المآل؟
ومن الأنصاف أن نذكر أنه ليس بمستكثر ممن باعدت ميوله المادية بينه وبين الروحية أن يقع في الخطأ الذي وقعت فيه. ولو كنت اقتربت من الروحية لرأيت أن غايتها أن يتخلص الإنسان من متاعبه ويستكمل وسائل راحته، وأنها تسعى به إلى هذه الغاية بتوجيهه إلى أتباع ما وضع لانتظام الكون في قوانين لم يشذ في السير عليها إلا هذا الإنسان نفسه. وإنما تحارب الروحية فعلا تلك المادية التي تدفع الناس إلى سوء استعمال ما وصل إليه علمهم من هذه الوسائل.
ولقد عجبت من أنك تريد للضعفاء والفقراء أن يعوا أسباب ضعفهم وفقرهم ليتخلصوا منها ثم لا تدلهم على الوسيلة الفعالة التي يستطيعون بها ذلك؛ بعد أن جردتهم - بإنكارك وجود