الاحتمالات الجديدة. هل تستمر في الإصغاء إلى عرض السياسة الفرنسية فتهادن يوجوسلافيا وتحالفها وتدخل في حظيرة هذا التحالف الذي يجمع دول الاتفاق الصغير وروسيا إلى جانب فرنسا؟ ومما يزيد في تردد إيطاليا ما تحاوله ألمانيا لديها الآن من تحويلها عن ذلك الطريق، وإعلان استعدادها لضمان استقلال النمسا وتسوية المسائل الأخرى التي تهم إيطاليا بيد أن السنيور موسوليني يقف الآن وقفة المنتظر ليرى أولاً ما يمكن أن تحدثه آثار جريمة مرسيليا في شئون يوجوسلافيا الداخلية وهل يوجد ثمة ما يحمل على الاعتقاد بقرب تفكك هذه الكتلة السلافية الخطرة التي خلفتها معاهدة الصلح، والتي تنازع إيطاليا سيادتها في بحر الأدرياتيك وتهدد نفوذها في البلقان وأواسط أوربا وهل تقوم في يوجوسلافيا حركة انفصالية يقوم بها العنصر الكرواتي خصيم العنصر السربي الذي يستأثر بالسلطة في يوجوسلافيا ويضطهد العناصر الأخرى؟ فإذا آنس موسوليني شيئاً من هذه البوادر فقد يفضل أن يستبقي حريته في العمل؛ مدى حين وعندئذ تعمل إيطاليا من جانبها على تشجيع العناصر الانفصالية في يوجوسلافيا حتى يتم تفكك هذه الكتلة السلافية وتستطيع إيطاليا أن تتجه ببصرها نحو دلماتيا التي تطمح إلى امتلاكها، وعندئذ ينهار التحالف الصغير وأيضاً وينفتح أمامها مجال العمل في أوربا الوسطى على أن فرنسا تعمل من جهة أخرى بكل ما وسعت لتحقيق التفاهم والتحالف مع إيطاليا. وهي على أهبة لأن تضحي في هذا السبيل ببذل بعض المطالب التي تطمح إيطاليا إلى تحقيقها. وما تعرضه فرنسا على إيطاليا ينحصر فيما يأتي:(١) تعديل الحدود الطرابلسية من جهة تونس والتجاوز لإيطاليا عن بعض المناطق المتاخمة لبرقة (٢) عدم مقاومة التوسع الإيطالي في طرابلس من جهة الجنوب في اتجاه بحيرة تشاد (٣) عدم مقاومة مشاريع إيطاليا وأطماعها في الحبشة (٤) تسوية مسألة الرعايا الإيطاليين في تونس ومنحهم بعض الحقوق والمزايا الخاصة؛ فهذه عروض ومزايا لا تستطيع إيطاليا أن تأبى قبولها خصوصاً إذا علمنا أن التوسع الاستعماري قد غدا من اعظم أهداف السياسة الفاشستية. وعلى أي حال فان برنامج السياسة الفرنسية لم يتغير بمقتل مسيو بارتو وقد أعلن مسيو لافال وزير الخارجية الجديد انه سيعمل لإتمام ما بدأ به سلفه؛ وسوف يقوم بزيارة روما كما كان مقرراً من قبل للمفاوضة في تحقيق البرنامج المرسوم