خواطر الغيورين على صالح المسلمين ضد سلطان مراكش وشرع الكتاب ينشرون المقالات ناقدين مسلك السلطان نقدا عنيفا مرا، حاملين عليه حملة قاسية، وقد اضطلعت صحيفتا اللواء والمؤيد بعبء تلك الحملة التي ساهم فيها مصطفى كامل بقلمه ونفث من روحه عبارات حماسية رائعة ضد السلطان عبد العزيز وكال له التوبيخ والتقريع ووفي الكيل. وإلى جانب ما في هذه المقالات من نقد وتجريح ترى مقالات أخرى يغلب عليها روح التهكم والسخرية ومثال ذلك ما جاء في المؤيد بتاريخ ٢٨ مارس من تلك السنة وهو:(يظن أن أنباء صدى جوقة الطرب وصلت إلى عظمة مولاي عبد العزيز سلطان مراكش في الوقت الذي وصلت فيه إلى عظمته أنباء بوادر الاتفاق الإنكليزي الفرنساوي بشأن مراكش. وقد ذكر لنا ثقة أن مكاتب البلاط المراكشي في مصر بعث إليه يقول إن الاتفاق قد تم مع أحسن جوقة طرب مصرية كل فرد من أفرادها صفوة أهل فنه. فمتى وصلت إلى الحضرة السلطانية المراكشية وصدع موسيقارها وغنى مغنيها قالت الحضرة الشريفة على الدنيا كلها السلام.
أما مكاتب التيمس في طنجة فقد بعث لجريدته يقول إن أنباء بوادر الاتفاق الإنكليزي الفرنساوي بشأن مراكش قد وصلت إلينا وأرسلت إلى سلطان المغرب، وكبار الأهالي ينتظرون بقية التفاصيل انتظار الظمآن للماء. . . الخ)
صدى جوقة الطرب:
تحت هذا العنوان أفسحت المؤيد مكانا للشعراء فأخذوا يتبارون في نظم المقطوعات وكلها تفيض بالهجاء الموجع والنقد المؤلم والتهكم والسخرية وإظهار الأسى والحزن على ما وصلت إليه أحوال البلاد المراكشية. قالت صحيفة المؤيد (وجاءتنا مقطعات كثيرة من بعض أفاضل الشعراء في هذا الباب فمنعنا عن نشرها غلو أصحابها في الألفاظ الموجهة لسلطان الغرب.
فعلى الذين يجودون بأدبهم على القراء من هذا المعنى الجديد أن يراعوا مقام من يتعلق به الكلام، ولكل مقام مقال.)
وهذه العبارة تكفي للدلالة على الأثر السيء الذي تركته في النفوس تلك السفارة الموسيقية التي أقام بها سلطان مراكش فرحا في وسط المآتم والمحازن التي كان يقيمها أفراد شعبه.