معنى في انتقاد حلى شعري ... وفضل الشعر يظهر في انتقاده
ولو حاولت أن تزري ببدر ... طلبت له المعايب من سواده
ومهما يكن فإن الشخص الذي صرح كشاجم بأنه قد تلمذ عليه فعلا هو علي بن سليمان الأخفش النحوي المتوفى سنة ٣١٥هـ حين يقول في ثنايا قصيدة في مدحه:
وكي يمنحني تأديبه المحض وتخريجه
ومن أولى بتقريظي ممن كنت خريجه
فيبدو من هذا أن كشاجم كان تلميذا للأخفش، وإذا علمنا أن الأخفش كان نحويا أكثر منه شيئا آخر، عرفنا أن كشاجم قد أصاب على يده شيئا من النحو إلا يكن كفيلا بأن يسلكه في عداد النحاة، فإنه يكفيه إلى الحد الذي يحتاجه الأديب ولا يستغني عنه، وقد يطالعك هذا الجانب النحوي من ثقافة الرجل في هذه الأبيات التي قالها متندرا بهذا الذي يدعى النحو، وليس من النحو في شيء:
تشبه في النحو بالأخفشين ... فجاء بأعجوبة مطرفه
ولم يسمع النحو لكنه ... قرا منه شيئا وقد صحفه
فإن لم يكن أخفش الناظري ... ن فإن الفتى أخفش المعرفه
وقد سمع الأخفش أبوي العباس ثعلبا والمبرد، وفضلا اليزيدي وأبا العيناء الضرير. . . ودرس النحو واللغة وشيئا من الأدب. . . ولكنه لم يتوفر على الدراسة الأدبية توفره على الدراسة النحوية. ومع هذا يذكر ياقوت في معجمه نقلا عن المرزباني في المقتبس: (لم يكن (الأخفش) بالمتسع في الرواية للأخبار والعلم بالنحو، وما علمته صنف شيئا ألبته ولا قال شعرا، وكان إذا سئل عن مسائل النحو ضجر، وانتهر كثيرا من يواصل مسألته ويتابعها. وشهدته يوما وصار إليه رجل من حلوان كان يلزمه فحين رآه قال له:
حياك ربك أيها الحلواني ... ووقاك ما يأتي من الأزمان
ثم التفت وقال: ما نحن من الشعر إلا هذا وما جرى مجراه
وهكذا يتبين لنا أن كشاجم لم يفد من أستاذه كثيرا - وربما لم يفد شيئا - في الناحية الأدبية، إن لم يكن قد أضر به ذوق أستاذه الذي ليس هنالك في الميدان الأدبي.
وإذا كان كشاجم قد تأثر بهؤلاء الذين ذكرنا، فقد وجد بعض من تأثر به، ولا سيما السري