(صبيحة) مع ابنتها نجوى. ليطلعا على فعلي، وقد تتأكد نجوى من أنني بطل، لا كما توهمت، فسخرت مني عندما نبح أحد الكلاب الضالة علي بغتة فلذت بالهرب، ولجأت إلى البيت، فإذا بقهقهات ساخرة تترامى إلى أذني فارتعشت أكثر مما ارتعشت عند نباح الكلب. فقد عرفت صاحبة القهقهة الساخرة. . . إنها نجوى بالذات. فرأيت أني لا يجب أن أتراجع وألوذ بالبيت، وأبدوا أمامها كالوجل من نباح كلب حقير، فانتظرت برهة لأجمع رباطة جأشي، ثم دفعت الباب وخرجت، أتلفت يمنة ويسرة، فصرخت نجوى من نافذتها التي تشرف على (المحلة)(امض فقد ذهب الأسد) صفعتني عبارتها، ووددت لو أني ما خرجت تلك الساعة، ولا صادفني ذلك الكلب، ولا كانت نجوى في شرفتها. .! والله لو أني تنبأت بما سيقع، أو علمت أن نجوى تراقبني، لما تراجعت ولما ذعرت حتى لو قابلني أسد جائع لا كلب ضال.
(تلك الفتاة المغرورة الساخرة، ستتعجب! إذ تراني أوثقت اللص بالحبال. سألطمه على وجهه لطمات قوية أمامها. كي تغير رأيها فيّ. وتدرك أنني بظل حقا. وأنني أستحق الإعجاب منها. كبقية الأبطال الذين تعجب بهم وهي لم ترهم. أولهم (أرسين لوبين) هذا المنافس الغريب الذي يأتي إليها من خلال سطور الروايات فيسلب عقلها في حين أنني ما فتئت أحاول جذب نظرها إلي. نظرها الجدي. فتأبى هي إلا أن تنظر إلي بسخرية، ويأبى القدر إلا أن يمهد لسخريتها حادثة مضحكة، كحادثة الكلب، وحادثة السيارة، وحادثة أولاد الحارة الصغار. .
(كفاني سخرية، فإني لا أستحق سوى الإعجاب. إن هذه الفتاة المغرورة سوف تراني إلى جانب أرسين لوبين عملاقا.! إذ أنه يطالعها من خلال الأكاذيب، في حين أني أطالعها أنا من خلال حقائق ثابتة.! من قال إن ذلك الأجنبي يملك من الدهاء والقوة أكثر مما أملك؛ هيه، إني لأقوى منه، إني لأدهى منه، وسأثير اهتمام نجوى وأملك مشاعرها بمجرد أن أوثق هذا الدخيل المتدثر الخائف. . وهو خائف بلا شك، وإلا لظهر أمامي من دون غطاء. وعلي أن أنتهز الفرصة فأنقض عليه، وبذلك أرفع اسمي، وترفع نجوى عني لقب (الجبان) الذي منحته لي وتمنحني لقب (الشجاع).! ومن ثم سآخذ أسيري إلى أقرب نقطة للشرطة، ولا شك أن الشرطة سيفغرون أفواههم دهشا، معجبين بشجاعتي وإقدامي. ولا شك أن