أعياها رجاؤه، دون أن يجدي ذلك شيئا. ولعلك تسألني: ماذا يقول الشيخ وبم يعلل موقفه؟ قال لها مرة: إن الديوان عند رفعة النحاس باشا!! لأن رفعته ينوي عندما يتولى الوزارة (وكان ذلك قبل أن يتولى رفعته الوزارة) أن يسدي إلى ذكرى الفقيد عارفة بطبع ديوانه على نفقة الحكومة. ولما تولى رفعة النحاس باشا الحكم استبشرت السيدة الطيبة القلب. ولكن. . . مر الزمن الطويل ولم يظهر ما يدل على اهتمام الحكومة بالديوان، فعاودت مفاتحة الشيخ في الأمر ليذكر رفعة النحاس باشا بوعده فاضطر إلى أن يقول لها إن الديوان ليس عند النحاس باشا. فبكت ورجت، واستعطفت، وهو ساكن ساكت حتى فرغت، ثم نطق:
- أترين هذا الكرسي وهذه الكنبة وهذا الدولاب؟
- نعم.
- هل أحست بشيء مما قلت. .؟
- لا
- أنا كذلك!!
سبحان خالق الناس وقاسم الحظوظ وجاعل الأخ مختلفا عن أخيه! فقد كان الأستاذ الشاعر أحمد الزين وافر الحظ من دقة الإحساس ورقة المشاعر، بل كان ذلك ثروته التي أودعها شعره، ولعل بعض القراء يعرف أن الشيخ محمد الزين ينظم قصائد ويحاول أن يسير في ركب الشعراء فهل يحس أن شعره خال من الأحاسيس وينبغي أن يستمد من ديوان أخيه ما يسد به نقصه في الشعر؟
وإذا كان الشيخ محمد الزين حسن النية نحو ذلك الديوان، فلماذا لا يوضح ما يريد أن يصنع به لأم اليتيم صاحب الحق الوحيد في ديوان أبيه؟ ولماذا لم يرد على اللجنة ليبين لها وجهة نظره في الموضوع؟
على أنه من حق الرأي العام أيضا أن يقف على نية الشيخ إزاء هذا الديوان، فهو أثر أدبي لشاعر من شعراء العصر، يعد جزءا من أدبنا المعاصر، تجب صيانته من الضياع.
والشيخ محمد الزين قاض شرعي يحكم بين الناس بالعدل أفلا يستنكف فضيلته أن تقاضيه أرملة أخيه أمام المحكمة وخاصة أن هناك شاهدين على أنه أخذ منها الديوان؟