وهل يرضى معالي وزير العدل أن يحكم قاض من قضاة العدل بالحبس على ديوان شاعر يتعلق به حق يتيم؟
وفاة برناردشو:
مات الكاتب العالمي الكبير جورج برناردشو يوم الخميس الماضي (٢ نوفمبر سنة ١٩٥٠) عن ٩٤ عاما، وكان يعيش في منزله الريفي بإحدى القرى الإنجليزية عيشة ظاهرها الهدوء والعزلة، ولكنه كان يحيى بفكره وحسه وخواطره في حياة الناس، متجردا من نوازع المحلية، محلقا فوق العالم كإنسان ممتاز. كان يكتب عن الإنسانية، ويكتب لها، في كل مكان، فشع أدبه للجميع، وترجم إلى جميع اللغات الحية، ومثلت مسرحياته على أهم المسارح في مختلف الأقطار، وقد مثل هو أكبر دور على مشهد من العالم أحمع، وهو دور الكاتب الحر الذي كشف حجب الظلام وسخر من غرور الناس وانتصر للحق. ولم ننس ولا ننسى له - نحن المصريين - موقفه من حادثة دنشواي التي ندد فيها بوحشية الجيش الإنجليزي في مصر، ولا تبصيره إيانا بنيات قومه الإنجليز نحونا ونصحه بعدم الاعتماد على المباحثات السياسية واللجوء إلى الهيئات الدولية في نيل استقلالنا وحريتنا، قائلا بأن السبيل الوحيد إلى ذلك هو أن نستخلص حقوقنا بأيدينا.
وقد كان برناردشو كاتبا ساخرا ولم يسلم الشعب الإنجليزي نفسه من سخريته، وهو شعب ذو تقاليد ومقدسات، ولكن شو لم يعبأ بذلك، لأنه لم يكن إنجليزيا فقط، بل كان فوق ذلك أنسانا. وكان بعيش في الحياة وكأنه فارق الأحياء، يطل عليهم روحا يضحك من أفعالهم ويسخر من أوضاعهم. ولم يزد بموته على أن قطع ضحكه وسخريته عن الأسماع!
ولد برناردشو بمدينة دبلن بايرلندا من أبوين فقيرين، وقد رحل إلى لندن وهو في العشرين من عمره، ولاقى في أول حياته بها متاعب كأديب ناشئ، لا يعبأ به، ولا تجازيه الصحف على ما يكتب فيها إلا بالقليل، ولكنه ظل يكافح حتى وصل إلى القمة، وقد رفض الألقاب، وأبى قبول جائزة نوبل المادية، لأنه لم يعد بحاجة إلى شيء من ذلك. وقد شبه جائزة نوبل التي منحت له بطوق النجاة الذي يلقى إلى من وصل إلى الشاطئ.
مات برناردشو، فكان لموته صدى في أرجاء العالم، واعتبرته كل أمة فقيدها، لما له في حياة العالم كله من آثار خالدة.