أما بنو تميم فلم يوحدوا كلمتهم، بل كانوا منقسمين على بعضهم. وبينما كانت القبائل المرتدة على هذا النحو من تفرق الشمل واختلاف المقصد، كان خالد بن الوليد على رأس جيش متجانس صقلته الغزوات والحروب وحنكته التجارب، متأهباً للحركة عند أول أمر يصدره قائده
وكان هذا الجيش قليل العدد، غير إن كفاية قائده ضمنت له الفوز. وكلما أحرز فوزاً ازدادت قوته بانضمام المحايدين إليه، لأن الغلبة كانت تأتى لهم، وقد تم ذلك فعلاً. ويزعم بعض المؤرخين إن قوة جيش خالد كانت تبلغ ثلاثة آلاف مقاتل حين تقدم نحو طليحة. فلما تقدم نحو مسيلمة أصبحت عشرين ألفاً
الحركات:
يقول ابن حبيش نقلاً عن الواقدي إن جيش خالد بدأ بالحركات من ذي القصة في اليوم السابع والعشرين من الشهر، وهذا الشهر، أما جمادي الآخرة وأما رجب. لأن الرسول توفي في شهر ربيع الأول، وان جيش أسامة قضى في حملته شهرين، واجل حركته في الجرف مدة من الزمن، والمعلوم أن معظم قوة أسامة الفت جيش خالد فتكون المدة التي انقضت من وفاة الرسول إلى حين حركة خالد من ذي القصة ثلاثة اشهر على اقل تقدير
فزمن الحركة أما أن يقع في منتصف شهر سبتمبر وأما في منتصف شهر أكتوبر من سنة ٦٣٢ ب. م
واستعرض أبو بكر جيش المسلمين في ذي القصة وخطب في رجاله وأبان لهم الطريقة المثلى التي يجب أن يسيروا عليها،
ولفت نظر خالد إلى خطورة الاستطلاع، واخذ الحيطة عند الهجوم على أهل اليمامة، وان يجرى الحركات على التعاقب، فلا يبدأ بحركة ما لم يظفر بالتي سبقتها وان يستعمل الرمح في مكافحة الرمح، والسيف في مكافحة السيف، ثم طلب منه مراعاة المهاجرين والأنصار والرفق بمن معه
وكانت قوة الجيش تتفاوت بين أربعة آلاف وخمسة آلاف، وكان عدد الأنصار منه يربى على الخمسمائة. وكانت قوة جيش طليحة في بزاخة تزيد على خمسة آلاف، ومعظمها من بني أسد والباقي من غطفان، وكان عيينة بن حصن على رأس هذا الباقي.