للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والصناعات فإن القائمين على شؤون التعليم قد رفضوا دروس الأشغال في المدارس، وبهذا اللون من التربية اليدوية اتسمت حياة النبي الكريم.

سئلت عائشة: كيف كان النبي إذا خلا في بيته؟ فقالت: كان ألين الناس وأكرم الناس؛ وكان رجلا من رجالكم إلا أنه كان ضاحكا بساما.

وسئلت. ما كان يصنع في بيته: فقالت: ما يصنع أحدكم: يرقع ثوبه ويخصف (يخرز) نعله ويعمل ما تعمل الرجال في بيوتهم فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة؛ وكان يعمل عمل البيت وكثر ما يعمل الخياطة.

وكان رسول الله (ص) يضمر الخيل ليسابق بها، وهو الذي جعل للسباق حدودا لا يتعداها لهو المؤمن إذ قال (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل) وما أرفع الغاية التي ينشدها نبي الإسلام للمؤمنين إذ يقول لهم (الهوا والعبوا فإني أكره أن أرى في دينكم غلضة) وتلك من غير شك غاية التربية البدنية، وما أنبلها من غاية.

وتقول عائشة أيضا: كان رسول الله يخصف نعليه وكنت أعزل

وسواء كانت هذه الصناعات اليدوية الصغرى مقصودة لذاتها أو لمجرد اللهو وسد أوقات الفراغ أو مقصودة للكسب المادي فإن كلا الأمرين شريف ومشروع وإن كنا لا نزال نعتقد أنها من ألزم اللزوميات لكل الناس ولا سيما ذوي الهيئات. ونحن نعلم عن مستر تشرشل وقد كان ولا يزال من مديري دفة السياسة البريطانية بل العالمية أنه من المغرمين بالرسم وكثيرا ما يذهب إلى سويسرا لرسم المناظر الطبيعية بريشة الفنان بحيث يستجم لنفسه في مهمته السياسية وما أثقل أعباءها.

وعندنا نحن من النماذج الإسلامية ما يزاحم الرءوس الكبار بما كان لها من أثر فعال في تغيير وجه التاريخ تغييرا شاملا؛ فهذا حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء وقد عرف عنه أنه كان يذهب وحيدا بعيدا في صيد الوحوش الكواسر وطالما طالع أهل مكة بقوامه الفارع وشبابه المتوثب وهو يتقلد سيفه يتنكب قوسه وينتضى في يديه السهام ويختصر الحراب.

وكان عمر من المهتمين بالتربية عن طريق الأشغال اليدوية والألعاب الرياضية إذ يقول (من خط وخاط وفرس وعام فذاكم الغلام) وبهذا لم يهمل هذا النوع من الأشغال الذي يسمى بالإنجليزية (هوبة). وكان رسول الله يشجع على توجيه الصغار نحو مشاهدة الطبيعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>