بحكامه وصحافته أظلم وأدهى من نكبته بالمستعمر الطامع، وأن مصيره بعيد عن الغاية التي أوهموه أنه صائر إليها.
وقف فلان من صديقه الحاكم يقول له في معرض الحديث (أن الحاكم القوي بعمله لا يخشى صاحبة الجلالة، محلية كانت أو غير محلية، ووددت لو يزداد في عهدك عدد الأقلام المعارضة فتكون لك خير نبراس للهدى) فيؤمن الحاكم النير الذهن ويعد بأن يشجع الصحف المعارضة ليسترشد بها، وإذا بهذا الحاكم النير الذهن يوعز إلى زبانيته في قلم مراقبة المطبوعات أن تنزع من صحيفة الرسالة الصفحات التي فيها مقال (ما رأيت وما سمعت في سوريا ولبنان)
من هو الحاكم؟ الحاكم في حكومة جمهورية فرد من أفراد الشعب توفرت لديه الكفاية من موهبة وعلم وعزيمة؛ ينتخبه نواب الأمة للعمل في خدمة الشعب. والحكام الذين تداولوا مقاعد الرياسة في سورية على نوعين، نوع اختارته السلطة الأجنبية المحتلة، وفرضت رياسته على الشعب فرضا كالشيخ تاج الدين الحسيني ومحمد علي العابد وسواهما، ونوع اصطفته الأمة، وولته الرياسة تولية شرعية دستورية لا غبار عليها كالسيد شكري القوتلي، وكل حاكم يعتلي مقعد الحكم سواء أكان رئيسا للجمهورية أو رئيسا للوزارة صنم تعبده الجماهير وأصحاب الغايات والأغراض.
عبادة الأصنام صفة أصيلة في الطبيعة الشرقية وهو يلائم مزاجها ويدغدغ سريرتها.
وعبادة الأصنام تماثل عبادة الموتى، وكل ميت سواء كان عزيزا علينا أو غير عزيز، تسمو قيمته بعد الموت، ويجل قدره، ويصبح له شخصية وأن كان إمعة، وتاريخاً وأن كان نكرة،
سمعت فيما سمعت في سوريا أحاديث الناس في الحكومة القائمة، سمعت شكوى من نصرتها فئة من الشعب على فئة من الشعب، وسمعت حمدا لها لموقفها الحازم في لبنان تصفي مشكلتها معه في المصالح المشتركة، وسمعت انقساما في الرأي حيال موقفها من الجيش يزجرها عن الإقدام عن الانضمام إلى العراق وشرق الاردن، وسمعت ثناء على نشاطها في السعي للسير قدما في بناء ميناء اللاذقية وإزالة العراقيل التي تؤخر استلام القرض السعودي، وفي موقفها تصد الحكومات العربية عن التدخل في شؤونها الداخلية،