وقد استهجن الناس هذه الأبيات وأطلقوا ألسنتهم في قائلها بألفاظ نابية، فأضطر إسماعيل صبري إلى إعادة نشرها ثم علق عليها بكلمة جاء فيها:(. . . وما البيت الثالث الذي هو مظنة المدح والإطراء إلا تهكم على من يقدرون الكلام على حسب مقدار قائله.) ولكن الذي لا شك فيه أن إسماعيل صبري لم يكن موفقا في هذه الأبيات.
وقد تألفت مظاهر وسارت إلى فندق شبرد الذي نزل فيه روزفلت وأخذت تهتف ضده فأضطر إلى الرحيل عن البلاد ولما وصل إلى الإسكندرية قابلته الجماهير بالشتائم والسباب.
ومن الغريب أن الجامعة المصرية بالرغم من شعور السخط الذي سببه روزفلت بخطبته قد منحته الدكتوراه الفخرية متحدية بذلك الرأي العام مع أن مركزها لم يكن ليسمح لها بذلك. إذ لم تكن جامعة بالمعنى الصحيح، بل كانت قاعة صغيرة لإلقاء محاضرات في بعض المواد، وعلاوة على ذلك فإن حداثة عهدها لا تخول لها حق هذا المنح.
وقد كانت هذه الحادثة تصرف الرأي العام عن الجامعة والقائمين عليها ووجه إلى رجالها نقد عنيف وطعن شديد؛ كما أن بعض الكتاب حثوا الجمهور على عدم التبرع للجامعة حتى تسحب درجة الدكتوراه الفخرية التي منحها للرئيس روزفلت وكانت أول درجة فخرية منحتها تلك الجامعة الناشئة.
ولم يكتف روزفلت بما ساقه في مصر من مطاعن في أهلها، بل وقف في دار البلدية بلندن وألقى خطبة ملأها بالشتائم والسباب على المصريين. فأنبرى له الكاتب الإنجليزي المرحوم برنارشو وصفعه بمقال عنيف جاء فيه (. . . فلئن كان من واجبنا نحن الإنجليز أن نحكم مصر لمصلحة مصر بدون اخذ رأي أهلها المصريين كما يقول مستر روزفلت لقد كان من واجبنا العظيم أن نحكم أمريكا بنفس نصيحة مستر روزفلت.)
قلنا إن شعور الوطني في مصر في ذلك الوقت كان ينذر بالانفجار عن ثورة ضد الاحتلال والمحتلين. وقد ظهر ذلك واضحا حينما رفض المصريون أجمعون المشروع الذي عرضته شركة قناة السويس لمد أجل امتيازها.