يكاد الفول فوق السوس يجري ... من الأطباق حتى لا يرام
كسيارات بترول عليها ... صهاريج بسيرها همام
شهدت بها الليالي كالحات ... يضيء سوادها فحمتها ضرام
قنابل في شظاياها فناء ... وفي نيرانها رقص الحمام
فتلك جواؤها، أما ثراها ... ففيران يسابقها (الترام)
جيوش في بطون الأرض تجري ... وفي جدران أدؤرنا قيام
لبسن الليل ثوبا من سواد ... أليس الشر موطنه الظلام
تكاد على أسرتنا تناجي ... وترقد لا تخاف ولا تضام
كأن القط حالفها - أمينا ... فبين كلاهما أبدا ذمام
ذواهب آمنات راضيات ... كأن قد ضمها البيت الحرام
ألست معي في أن فكاهات الشاعر حسن طنطاوي هي فكاهات تتمثل فيها الروح المصرية المرحة، وأن شعره يتناسب مع البيئة المصرية اللينة الهادئة التي تميل إلى البساطة في كل شيء فإذا بألفاظ الشاعر مطبوعة بهذا الطابع المصري اللين البسيط، وأنه يحاول أن يحلي شعره ببعض ألفاظ وتعبيرات مصرية خالصة مما يستعملها الناس في حياتهم العامة، ولا يبالي الشاعر إذا كان هذا اللفظ عربي الأصل أو غير عربي ما دامت هذه الكلمة قد دخلت إلى لغتنا العربية واستعملها الناس وفهموا مدلولها، شأنها في ذلك شأن آلاف الكلمات التي دخلت قواميس اللغة العربية في العصور السابقة وعرفت بأنها دخيلة ولكن الشعراء استعملوها، وأجازها النقاد والأدباء، فشاعرنا لم يتقيد بقيود علماء اللغة العربية، فهو يحافظ على اللغة وسلامتها من ناحيته، ويجدد فيها ويعيد إليها الحياة باستعمال بعض كلمات اصطلح الناس على تسميتها بالعامية، فشأنه في ذلك شأن الشاعر البهاء زهير الذي لم يتردد في أن يكثر من استخدام التعبيرات العامية المصرية في أشعاره وإن أغضب في ذلك نحاة عصره ولكن النقاد الأدباء فتنوا بشعره، ولا يزال النقاد إلى الآن يعجبون به، ولنا رجعة إلى الحديث عن الشاعر مرة أخرى.