سابعاً: المال. . المال. . المال. . ولا شيء إلا المال.
وفي الحق أن الاخوة الخمسة كانوا أمناء على هذه التعليمات: كل في دائرة عمله، وكانوا من النشاط بحيث فاقو القردة والثعالب خفة ودهاء.
كان (ناتان) مقيماً بإنجلترا منذ أسند إليه أبوه عملا ماليا هاما، واتفق أن ضرب الحصار القاري على المانش، وخشي (ناتان) عواقب التهريب، على أن نابليون لم يكن يسمح بالتهريب إلا في حدود ضيقة وذلك فقط إرضاء لحلفائه، وإلا تحطمت الصداقة على هذه الصخرة العاتية، في مثل هذا التوتر السياسي الذي ساد العلاقات الدولية آنذاك.
وأغلق الباب في وجه ولنجتن بجنوده في فرنسا، وأعوزته النفقات تأتيه من إنجلترا وكان الإنجليز في حيرة من أمرهم، وتنازعهم الخوف والرجاء: الخوف من تسرب المعادن النفيسة إلى الخارج، والرجاء في توصيل المال إلى ولنجتن.
أما ناتان فقد ائتمنه أحد النبلاء الإنجليز على أموال طائلة في فترات متعاقبة بغية أن يستبدل بها كميات من الذهب والفضة لتهريبها إلى فرنسا عبر المانش، وعرف ناتان من أين تؤكل الكتف، فاتصل بأخيه جيمس ووصاه بالمبادرة إلى الحصول على ترخيص من ولاة الأمر بباريس لدخول رسائله وبذلك ضرب ناتان عصفورين بحجر، وحصل على مبالغ طائلة من وراء التهريب.
وفي هذه الفترة كانت المالية الإنجليزية في عجز شديد، واضطراب بالغ، ولم تدر إنجلترا من أين تشتري الذهب، وبالتالي كيف تنقله إلى جنودها في الخارج، وبرز ناتان في الميدان، وسرعان ما استعان بجيمس الذي لعب دوره في السوق المالية حيث اشترى جميع الأموال الفرنسية التي أتخمت أوربا. ونجح ناتان في نقلها إلى إسبانيا وإلى النمسا، وقد عادت هذه العمليات عليه بأرباح تذهل العقل، مع أنه لم يلجأ إلى تحويل العملة عند النقل كما أنها لم تتعرض للأخطار من أي نوع، ووصلت سمعة شركة روتشيلد إلى قمة الثقة لدى جميع الحكومات.
وخيمت الغيوم السياسية على جميع أوربا، ومنيت الحالة المالية في كل مكان بالهبوط السريع المؤدي بالحكومات إلى الهاوية السحيقة، وإزاء هذه الحالة انفردت عصابة روتشيلد