ظننت يأسي قد توارث رؤاه ... فراعني يأس جديد الصور!
وهذه الجنة. . . وما ذنبها؟ ... حتى أراها ملك من لا تريد!
إني مناها. . . بل أنا حبها ... وطيرها الشادي بحلو النشيد
ظمآن يا ربي! وهذا النمير ... ترنو إليه غلتي الصاديه!
لهفان! والحسن الغضير النضير ... تحنو عليه لهفتي الباكيه!
حيران! لكن ها أنا أستجير ... من حيرتي بالجنة الحانيه!
دعني أعش في ظلها شاديا ... حينا. . . إذا قدرت أن نفترق
وبعده مر أنطلق باكيا ... بقلبي الشاكي، وروحي القلق
وحين يمضي عن حياتي الشباب ... وينصت العمر لخطو المشيب!
أحيا بظل الذكريات العذاب ... وأسأل الصمت الذي لا يجيب:
هل يرجع الغائب بعد الغياب ... ويشتفي ممن يحب الحبيب؟
يا رب هذي منية المستهام ... وأنت أدرى بأماني البشر
أذاعها الوجد الذي لا ينام ... فما يقول الصوت. . صوت القدر؟
وأطرق الشارد حتى غدا ... في صمته تمثال يأس عريق
كأنه والرمل لما بدا ... من حوله. . جثة ميت غريق
منتظرا صوتا كحز المدي ... إذا قسا، أو مثل لذع الحريق
وخيم الصمت، وران السكون ... على رمال في الدجى نائمه
وفجأة ثارت به في جنون ... عاصفة مجنونة عارمه
وا رحمتا للشارد المستطار ... مقيداً في لجة العاصفه
تمضي به نحو بعيد القفار ... في ليلة مقرورة واجفه
حتى إذا الليل طواه النهار ... وغاب طيف الجنة الوارفه
تلفت الشارد كيما يرى ... أين انتهى بعد المسير الطويل
فلم يجد إلا الردى العابرا ... بقفرة للصمت فيها عويل!
فسار في واد عميق الوهاد ... يسلك في الصخر طريق الشتات
ضلاله مثل الهدى والرشاد ... ما دام يمضي ضائع الأمنيات