للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الفضيلة الإجلاء أعضاء لجنة الفتوى، قد لمسوا فيه هذه الخصوصية، خلال عضويته بها.

وكان ضليعا في معرفة الشريعة السمحة وأحكامها، خبيرا بمذاهب أئمتها على اختلافهم، بصيرا بمذاب الكلاميين من فقهائها. وقد أخرج كتابا في حياة (ثقي الدين بن تيمية الحراني) ألقى فيه ضوءا على جهاد هذا العلامة في سبيل دينه، موضحا عقيدته، مبينا أنها عقيدة السلف، وأنها بعيدة عن مزالق المبتدعة من متطرفي الحنابلة. وقد سمعت ثناء مستطابا على هذا الكتاب من كثير من الفضلاء

وقد كان مؤرخا راعيا لتطورات التاريخ الإسلامي وتقلب دولته، منقبا عن ذلك في كتب التاريخ الإسلامي العربي منها وغير العربي

وكان أديبا بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني. فقد أوتي حافظة قوية كنت أغبطه عليها، ملمة بشتى عصور الأدب وتقلباتها وحوادثها إلماماً محموداً، وكثير ما تجود بالأبيات والطرف الأدبية والأمثال ونحو ذلك، عند أدنى مناسبة - وكان يطرب للدعابة اللطيفة والنكتة الرائعة - ٠واو على حسابه - ويأخذ حينذاك سبيله إلى المرح قائلاً (لقد قتلتنا كثرة الجد) ولكنه سرعان ما ينحدر إلى سوق الحكم والنعي على الدنيا، مع الرضا والاستسلام لقضاء الله وقدره.

وكان كثير البحث في مظان اللغة، يحفظ من ألفاظها عددا تكتنز فيه المعني، أو يعبر عن المعاني الغريبة أو المستحدثة، ويعنى بالألفاظ الطوافة في اللغات، وما كسبته في كل لغة من المعاني. وأغلب الظن أن في مسجلاته كثيرا منها.

هذا إلى أنه كان كاتبا حسن الكتابة، وخطيبا رائع الخطابة، وممن أوتى مقدرة طيبة على تدبيج المقالات دينية واجتماعية وتاريخية. وهذه مقالته في مجلة (رسالة الإسلام) وغيرها، خير شاهد

ولا نقول جديدا إذا نوهنا بدروسه الدينية وخطبه المنبرية، فإنه أسبغ عليها سمة من التجديد، وغذاها بما تفيض به نزعته الأدبية وثقافته الواسعة، فخرجت بجديد أسلوبها ومعناها، عصرية بريئة من السمت التقليدي القديم

ومنذ سنوات أخذ على عاتقه إخراج كتاب من أهم كتب الحديث والفقه والقضاء الإسلامي، وهو كتاب (أخبار القضاء) لمحمد بن خلف بن حيان، المشهور بوكيع. استعار نسخته

<<  <  ج:
ص:  >  >>