مريضة نفسا او عصبيا. أو نفسيا وعصبيا معاً وإن اختلفت هذه الأمراض قوة وضعفاً وضوحاً وغموضاً وقد مضى على البشر القرون الطويلة وهم يتقلبون في جحيم من الأمراض وهم لا يشعرون ولكن لم تخف هذه الحقيقة المؤلمة على أهل الفكر من أبناء الأجيال الماضية. فقد عرفوا هذه الحقيقة لأنهم اكتووا بنارها ولكنهم حاروا في سرها وضلوا الطريق إلى فهم كنهها وحقيقة أمرها فأخذوا يتخبطون في هذا الأمر تخبط العشواء في الظلام لا يخرجون من ظلمة حالكة إلا ليتردوا في هوة أشد حلكة حتى ألهم الله - فرويد - بدراسة العقل الباطن وما في هذا العقل العجيب من عواطف مكبوتة ورغبات متصادمة متلاطمة وعقد مبرمة محكمة ومركبات محتدمة مضطربة فاهتدى إلى حل هذه المشكلة النفسية بطريقة التحليل التي أشرنا إليها في صدر هذا المقال ونحن نعتقد أن الإنسانية تنتفع عظيم الانتفاع بطريقة - فرويد - في التحليل النفسي متى دخل على النفس التحليلي البيوت والمدارس والمصانع والمزارع وعمت العيادات والمستشفيات النفسية المدن والقرى. نقول هذه وأملنا كبير بتحقيق هذه الأمنية لأننا رأينا المدى الواسع الذي قطعه علم النفس التحليلي في الغرب خلال نصف قرن ذلك المدى الذي يبشرنا بقرب انتشار هذا العلم الجليل في الشرق فينتفع به الشرقيون عامة ويصبح الشرقي وقد تعود أن يذهب إلى العيادة النفسية لمعالجة الخوف والخجل كما يعالج السل والسرطان. ولا يفوتنا أن نذكر هنا شيئا جليل الخطر في موضوع التحليل النفسي وهو أن خطورة العقد النفسية وخطرها في خفائها وعدم الشعور بها، فإذا ما عرفت العقد وأصبح صاحبها شاعراً بها انحلت وبطل سحرها. ومتى انحلت العقد انتهى السلوك الشاذ الذي كان متسبباً عنها وهذا ما يرمي إليه التحليل النفسي ويعمل لأجله المحللون النفسيون.
ولندع الآن الإمام العلامة أبا حامد الغزالي يتحدث عن التحليل النفسي والطريق الذي يعرف به المرء عيوب نفسه. يقول أبو حامد الغزالي.
إذا أراد الله بعبد خيراً بصره بعيوب نفسه، فمن كانت بصيرته نافذة لم تخف عليه عيوبه، فإذا عرف العيوب أمكنه العلاج. ولكن أكثر الناس جاهلون بعيوب أنفسهم يرى أحدهم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه، فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق