وقال العديل بن الفرخ العجلي وهو شاعر إسلامي: -
إذا ما حملنا حملة مثلوا لنا ... بمرهفة تذري السواعد من صعد
وإن نحن نازلناهم بصوارم ... ردوا في سرابيل الحديد كما نردى
كفى حزناً أن لا أزال من القنا ... يمج نجيعاً من ذراعي ومن زندي
ومن أشنع العيوب عند العرب أن يعيش الفرد للذته وعاره فتشغله اللذة عن واجب الإباء والكرامة، وصورة مصعب بن الزبير ماثلة للأذهان إذ يترك من بعده زوجه سكينة بنت الحسين فتاة الحسب والأدب والجمال تندب ثكلها وهو يلومها على جزعها بقوله (ما ترك أبوك لابن حرة من عذر). وقد كانت لمصعب القدرة على النجاة.
قال شبرمة بن الطفيل من شعراء العصر العباسي الأول: -
لعمري لرئم عند باب ابن محرز ... أغن عليه اليارقان مشوف
أحب إليكم من بيوت عمادها ... سيوف وأرماح لهن حفيف
فهو يعرض بهم لسكوتهم إلى الخفض وانزوائهم عن لقاء الحروب وأبو نواس - وهو ربيب حياة اللذة - لا يعجبه قول شبرمة بل يقف على حافة الطرف الثاني قال: -
رضيت من الدنيا بكأس وشادن ... تحير في تفصيله فطن الفكر
إذا ما بدت أزرار جيب قميصه ... تطلع منه صورة القمر البدر
فأحسن من ركض إلى حومة الوغى ... وأحسن عندي من خروج إلى النحر
فلا خير في قوم تدور عليهم ... كؤوس المنايا بالمثقفة السمر
تحياتهم في كل يوم وليلة ... ظبي المشرفيات المزيرة للقبر
وهو بالإضافة إلى ما في حياته من عوامل الاستخذاء عاش في بيئة ترفل بنعمة الأمان، يسهر الحاكمون فيها على حماية دماء الناس وأموالهم، ولم يكلفه مجتمعه واجباً دفاعيا فظن نفسه مستغنيا عن الذياد. ولو عاش في بيئة يحتكم ساكنوها إلى القوة والسيف قبل المنطق لتبين خطل رأيه وراح ضحية فلسفته.
وقد زودت حرب الجاهلية وحرب الجمل وصفين وحروب الخوارج تاريخ الأدب العربي بأروع أدب الحرب، ولكنه نزر في العصر العباسي بالتدريج لتغير نظم المجتمع العربي. ولعل من أبرز شعر الحماسة في هذا العصر بائية أبي تمام في فتح عمورية وسيفيات أبي