فلا تأخذوا عقلا من القوم إنني ... أرى العار يبقى والمعاقل تذهب
وقال غيره: -
ولكن أبى قوم أصيب أخوهم ... رضا العار فاختاروا على اللبن الدما
وقالت كبشة أخت عمرو بن معد يكرب على لسان أخيها القتيل: -
أرسل عبد الله إذ حان يومه ... إلى قومه لا تعقلوا لهم دمى
ولا تأخذوا منهم أفالا وأبكراً ... وأترك في بيت بصعدة مظلم
والمستحسن أن يضيف الموتور إلى رفض أخذ الدية زيادة في التنكيل والقتل يتجاوز بها حد المساواة.
قال أحدهم: -
فيا شمل شمر واطلب القوم بالذي ... أصبت ولا تقبل قصاصاً ولا عقلا
ومما يدل على جودة الطبع، والثقة بالنفس وحب الصدق أن يعترف العربي لخصمه بالصفات المشرفة فيطرى شجاعته ويصف البطولة في حملاته، وأشعار هذا الضرب تسمى عندهم (بالمنصفات)
يكرمون شاعرها ويعجبون به فوق ما يصنعون لغيره من الشعراء قال عبد الشارق بن عبد العزى الجهني: -
شددنا شدة فقتلت منهم ... ثلاثة فتية وقتلت قينا
وشدوا شدة أخرى فجروا ... بأرجل مثلهم ورموا جوينا
فآبوا بالرماح مكسرات ... وأبنا بالسيوف قد انحنينا
وقال زفر بن الحرث: -
وكنا حبسنا كل بيضاء شحمة ... ليالي لاقينا جذام وحميرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسرا
ولما لقينا عصبة تغلبية ... يقودون جرداً للمنية ضمرا
سقيناهم كأساً سقونا بمثلها ... ولكنهم كانوا على الموت اصبرا
لقد ذكر عن خصومه طواعية أنهم (كانوا على الموت اصبرا) وهذا لسان صدق ولفظ بديع يعتز بهما وبأمثالهما تاريخ الأدب.