الزهد في أن تخصه الأقلام بشيء مما تخص به الناس من الذكر الجميل!
ألا يوافقني معالي الأستاذ خليل كنه على أن لأصحاب المواهب حقوقا في الدولة يجب أن تذكر فلا تهدر، وأن تصان فلا تهان، وأن يضرب بها المثل على سلامة الوعي ونزاهة القصد وعدالة التقدير؟ لا أشك لحظة في أنه سيوافقني في قلبه وسيؤيدني بلسانه. . والدليل؟ الدليل هو أن العراق قد ضرب يوماً هذا المثل، حين مد يده إلى مقعد من مقاعد الصحافة لينقل منه رجلا إلى مقاعد الوزراء. . هذا الرجل هو معالي الأستاذ خليل كنه!! ما باله إذن وقد ظفر بكل ما له على الدولة من حقوق، ينسى أن هناك أناساً لهم بعض الحق وهو في يديه، ثم لا يمنحهم شيئاً من هذا الحق وهو قادر عليه؟! سؤال حائر، وسيظل حائراً ما شاء له وزير المعارف أن يحار. . . أما الجواب، فسيوافقني عليه معالي الأستاذ خليل كنه بقلبه إن لم يؤيدني بلسانه. . . وآه من حيرة الجواب بين القلب واللسان!!
ويقول لي الأستاذ الناصري إن صحف العراق قد نقلت كلمتي عن (الرسالة) معلقة وثمينة. . أنا شاكر للصحافة العراقية عطفها على الشاعر وثناءها على الكاتب، وأدعو الله من قلبي ألا ينقل أحد رجالها بعد الآن من مقعد التحرير إلى مقعد الوزير، حتى تظل جذوة الإنسانية متوهجة منه في شعاب القلب متوقدة على شباة القلم، يصطلي دفء هواها كل من أضناه برد الأسى وتجهم الأيام!!
أما أنت يا عبد القادر فدعك من هذا اليأس الذي لا يطيقه الشباب ولا تحتمله الحياة. . إن الشباب ومضة شعاعه بالعزم وضاءة بالتضحية، وإن الحياة زهرة ندية بالصبر فواحة بالأمل، فلماذا تريد للومضة الساطعة أن تخمد، وللزهرة اليانعة أن تذبل، وللأمل الخالد أن يذهب أدراج الرياح؟ إن الحياة يا صديقي ليست هي اليوم المشهود ولكنها الغد المرتقب. . . الغد الذي قد يزف الربيع إلى جفاف الغصون، ويطلق الأحرار من زوايا السجون، ويحمل خمرة السلوان إلى ندامى الشجن!
وتسألني إن كنت أوافقك على تسمية هذه القصيدة التي بين يدي باللحن الأخير؟ إنني أوافقك على أنها يجب أن تكون كذلك. . . أن تكون آخر لحن يضج بالشكوى ويشرق بالدموع! ولهذا سأصفح عن هذه القصيدة الباكية التي لا تتفق مع أحلام الشباب وأمانيه،