للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويمسح شعرها فتعضه وتؤذيه، فكيف بها امرأة جميلة، وصبية بضة لا يقوى سواها من دون خلق الله أن يقف منه يجابهه ويعانده ويعنفه ثم يرتمي بين يديه يغسل جنونه بدموع الحب والارتماء في أحضان الحب

لا شك أن الحجاج كان نهماً جشعا يساير طبيعة الإنسان أي تحقيق غايته الأولى من وجوده وهي (الشبع) ولا ريب أنه يرغب في المرأة رغبة من كان قلبه لا يطيق التقيد، وبذلك أيضا يساير الطبيعة الإنسانية ولا يعطل غايتها الإنسانية من وجودها، فعزوف الحجاج عن المرأة مرده إلى انشغاله في توطيد الملك ومقاتلة خصومه يدلنا على ذلك رده (عفراء) رفيقة طفولته في كثير من الخشونة وعدم المبالاة، أما سعيه إلى التقيد بالزواج إنما هو سعي الوضيع الذي يطلب الرفعة والجاه عن طريق مصاهرة الهاشميين.

أما حكاية الفتاة (الأهوازية) التي لفقها المرحوم جرجي زيدان واقتبسها الأستاذ تيمور إنما هي حكاية لم أجد ما يؤيدها مما قرأت مما كتب عن الحجاج، وأرى أن الحق بجانب زيدان الروائي لا المؤرخ في تلفيق ما يجذب القارئ ويشوقه إلى قراءة فصول الرواية، وكذلك أجد أن من الواجب أن أشكر الأستاذ تيمور على اقتباسه تلك الحكاية واحتضانها وتجسيدها فجعلها المحور المركز على قاعدتين، الحجاج من جانب، والأهوازية من جانب آخر

لا يسعني حيال هذه الخطوة البارعة في جعل (شخصية) البطل هي التي تصوب عليها أنوار التحليل النفسي، وبذلك يشترك المشاهد مع المؤلف في تمييز ما يمكن وما لا يمكن من أمور النفس الإنسانية، وأن يلزم المؤلف المشاهد حمل ما يستطيع حمله من كنوز الرواية لتكون زاداً لعقله وتفكيره

هل رأيت ديكا فتيا يمد عنقه، ويفرد جناحيه، ينقل كفا بعجب، ويتبع الأخرى بتيه، ثم يقف فيطلق صيحة صداحة تتفتح لهاه أفئدة الدجاجات وجوارحها؟

كان هذا الديك التياه هو صاحبنا الأستاذ زكي طليمات، بله الحجاج بن يوسف الثقفي على مسرح الأوبرا، ولكنه لم يكن ديكا صيالا بين دجاجات تبيض، بل كان يتيه بين أقواب صغار زغبهم ذهبي ناعم، وزقزقتهم طفلة رنانة.

إني لأتمنى أن أراهم تياهين صوالين يجذب حيالهم في ميدان المسرح الجديد أذهاننا وأفئدتنا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>