كنت في صحبة الكريم حضرة الغزة الأستاذ أحمد رمزي بك العالم المؤرخ والمدير العام لمصلحة الاقتصاد الدولي وقد شاهدنا تمثيل روايتي (شجرة الدر) لعزيز باشا أباظة و (ابن جلا) للأستاذ محمود بك تيمور فلقيته بنفر من الإحراج ويبرم بملابس الممثلين وقد قال ما نصه
(الإخراج فن لا يزال بدائيا في مصر، وهو فن من أصعب الفنون وخصوصاً إذا تعرض لإخراج الروايات التاريخية. وإني لا أعد مخرجي روايتي (شجرة الدر) و (ابن جلا) موفقين فيهما، لأن الذي يتعرض لمثل هذه الأمور يجب أن يكون لديه ثقافة وافرة، واطلاع عميق في النصوص التاريخية. وعى علم الآثار الإسلامية، والخطوط، ويفهم الملابس والإشارات والأسلحة والأثاث والمعمار الذي يسود كل عصر
وأجد أن كل عصر إسلامي يمتاز عن الآخر ميزة خاصة تميزه عن كل هذه النواحي، وأن كل مائة سنة تحتاج إلى رجل مختص يساعد المخرجين على تفهم الأمور التي أشرت إليها وكيف كانت في ذك العصر
والملابس التي أخرجت بها شجرة الدر لا تمت بصلة إلى عصر المماليك، والملابس التي أخرجت بها رواية الحجاج لا تمت بصلة إلى العصر الذي عاش فيه الحجاج. والأدلة على ذلك كثيرة، مثال ذلك، الأعلام التي جاءت في رواية الحجاج كتبت بالخط النسخ وهو لم يكن موجود في ذلك العصر، وكتبت بالخط الكوفي في رواية شجرة الدر بينما كان العكس هو الواجب أن يتبع
ومن أغرب ما شاهدت أن يرفع في وسط معسكر الحجاج علم عليه الشاليش التركي، وهي عادة جاءت في أواسط آسيا بعد قيام الدولة السلجوقية، فالأتراك هم أول من استعمل أذناب الخيل على الأعلام والسناجق وسموه (الشاليش) وأخذت به جميع الدول التركية سواء كانوا من الأيوبيين والأنابكة أو سلاطين الأتراك في الدولتين البحرية والبرجية بمصر
ولا شك أن في إخراج الجند الشامي بملابس عسكرية من ملابس القرن العشرين أمر مضحك. كذلك رئيس الشرطة أو قائد الجند الذي كان يلبس ألبسة تشبه ملابس القواد في الجيش الإيراني أيام مظفر شاه، أما ألبسة الحجاج فكانت مجموعة من أغرب ما رأيت
مسكين الحجاج جمع بين عصور المغول والفرس والهنود والانكشارية فكان إخراجا يدعو