لجيم. . بن بكر بن وائل، وهي أبيات جياد مختارة، يذكر فيها طروق طيف صاحبته على بعد الزيارة، ثم مسيره في البلاد، ثم يفخر بنفسه وبمحاماته دون عشيرته وذبه عن مآثرها ومجدها، يقول في مطلعها:
خيال لأم السلسبيل ودونها ... مسيرة شهر للبريد المذبذب!
حتى يفخر بما فعل في نصرة رجلين من قومه هما (يزيد) و (عبس)، كانا استصرخا به في ملمة من ملمات الحروب، فنصرهما وحامى عنهما، واستنقذهما، وهم يومئذ جميعاً في غربة عن ديار عشيرتهم، قال البعيث في ذلك:
وإن مسيري في البلاد ومنزلي ... لباً لمنزل الأقصى إذا لم أقرب
ولست، وإن قربت يوماً ببائع ... خلاقي ولا ديني ابتغاء التحبب
ويعتده قوم كثير تجارة ... ويمنعني من ذاك ديني ومنصبي
دعاني يزيد، بعد ما ساء ظنه، ... وعبس، وقد كانا على حد منكب
وقد علما أن العشيرة كلها، ... سوى محضري، من خاذلين وغيب
فكنت أنا الحامي حقيقة وائل=كما كان يحمي عن حقائقها أبي
ويظهر لي أن البعيث كان قد خرج هو وصاحباه (يزيد وعبس) إلى خراسان في ولاية أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، ومن أجل ذلك قال:(ومن دونها مسيرة شهر للبريد المذبذب)
قال التبريزي في شرح البيت:(أي أشرفا على الهلاك. هذا إذا رويت بفتح الكاف. يقال: أصابه نكب من الدهر ومنكب ونكبة ونكوب كثيرة. ومنه حفر نكيب ومنكوب: إذا أثر فيه حجر أو غيره. ويروى (على حد منكب) بكسر الكاف. يعني أنهما كانا مهاجرين له. يقال: فلان معي على حد منكب: أي كلما رآني التوى ولم يتلقني بوجهه. وتنكب عني: أي اجتنبني. والمنكب من كل شيء جانبه وناحيته. ومثله قولهم: فلان يلقاني على حرف. وفي القرآن (ومن الناس من يعبد الله على حرف). ويجوز أن يريد بقوله:(بعد ما ساء ظنه) بعد تسلط اليأس والقنوط من الحياة)
والذي حمل التبريزي على التفسير الذي اجتهد فيه، وادعى فيه دعوى ليس عليها بينة من نفس الشعر، ولا من كلام العرب، بعد أن قارب المعنى الصحيح في الشعر بقوله (أي أشرفا على الهلاك) - أنه أتى من سوء فهمه الذي بدر إليه في معنى قوله: (دعاني يزيد