للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ليرى المولود كأنه نسخة طبعت مرة أخرى من صحيفة لوح موجود.

أجل. ألم تروا سادتي إلى أسر قد انتشر في أفرادها جميعاً شمم الأنوف، وإلى أسر غيرها قد تفشى فيهم فطس الأنوف؟ أم لم تروا مثلاً إلى أسر قد انتقل فيها نسلاً بعد نسل مرض البول السكري وإلى غيرها قد انتقل فيها الميل إلى الانتحار حتى إن أفرادها ليتشابهون في طريقة الانتحار.

ألم تروا إلى بني إسرائيل وقد توارث فيهم حب المال ينتقل فيهم جيلاً بعد جيل؟ أم لم تشهدوا العرب الرحل وقد كرهوا سكنى المدن ونزئوا تحب الخيام يتوارث الأبناء منهم ذلك عن الآباء؟

أليس فيما سبق أدلة على أن الوراثة تنتقل من الآباء إلى الأبناء وأن هذه الوراثة جسمانية وعقلية ونفسية، فكما تتجلى في الجسم في خلقته وقامته وصوره وحركاته

تتجلى في العقل في نموه أو ضعفه، وصحته أو مرضه، وذكائه أو بلاهته، وتتجلى كذلك في النفس في صفاتها وسجاياها وطباعها.

هذا وقد رأينا أن النطفة هي العامل على ذلك والناقل لما في الأب إلى النسل وكيف أن الدين الإسلامي قد ألم من قبل بتأثير الوراثة ثم رأينا كيف عبر القرآن عن النطفة بأنها أمشاج فقال تعالى (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيرا)

فالنطفة إن تكن بسيطة شكلاً فهي مركبة أصلاً وهي خليط من المواد في تكوينها، فهذه الحيوانات المنوية وهي ترى متشابهة شكلاً، فإذا بها قد أخرجت بعد تلقيح البويضات أجنة مختلفي الأنواع متبايني الصفات متنوعي الأشكال، فهذا ذكر وتلك أنثى وهذا أبيض وذاك أسود وهذا جميل وذاك دميم وهذا عاقل ذاك مجنون وهذا مستقيم وذاك مجرم أثيم.

فما هذا الذي يغير الأجنة وقد بدءوا متشابهين، وما هذا الذي ينوع الناس وقد كانوا في مبدأ الخليقة متماثلين؟ ألا إنه شيء في النطفة وفي البويضة كمين، وخبئ هو فيها دفين، ذلك صنع الله رب العالمين الذي خلق النطفة الأمشاج وجعلها في قرار مكين فتبارك الله أحسن الخالقين.

أرأيتم كيف ثبت القرآن الإرث التناسلي من قديم ثم جاء الطب فأيد القرآن بالأدلة والبرهان؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>