للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فإن كان أحد الأبوين فاسد الخلق نشأ النسل أكثر ميلاً إلى الفساد وجرى ذلك في أنسال متعاقبة ينشأ جيلهم إن لم يكن كلهم وقد التوت طرقهم وسقطت مروءتهم وضلت عقولهم. والأمثلة من واقع الحياة وسجل الأطباء كثيرة في ذلك، وأبدأ بإرث الجنين من الأب فأذكر قصة أسرة بأكملها هي أسرة جيوكس في نيويورك (عن كتاب الطب الوقائي لمؤلفه رزينو) بدأت هذه الأسرة برجل كانت مهنته صيد السمك وكان شريراً فاسد الأخلاق نزاعاً إلى الشر كسولاً في عمله وقد ولد سنة ١٧٢٠ وقد رزق خمس بنات فتزوجت هذه الفتيات فأتين في ستة أنسال متعاقبة بحوالي ١٢٠٠ شخص وقد عرف تاريخ ٥٤٠ شخصاً منهم تمام المعرفة وعرف عن ٥٠٠ آخرين جزء من تاريخهم وكان سجل هذه الأسرة أن ٣٠٠ ماتوا في سن الطفولة و٣١٠ التزموا مهنة التسول و٤٠٠ رجال ونساء فاسدات وأكثر من نصف النساء عاهرات و١٣٠ حذقوا أساليب الإجرام و٦٠ لصاً اعتادوا الإجرام. ولم يعثر في سجل هذه الأسرة على واحد تعلم في مدرسة أو تخرج في جامعة ولكن وجد فيها ٢٠ شخصاً تعلموا صناعات ولكن أين تعلموها؟ لقد تعلموها بين جدران السجون.

وسبب هذا النسل الفاسد كله رجل واحد فاسد قد لقحت نطفته الفاسدة المرأة فنقلت إلى بويضتها الفساد فورَّث البنات والبنين الشر والخنا المبين.

هذا مثل طبي أوردته كتب الطب وأثبتت كيف ينشأ النسل فاسدا كأبيه. وقد سبق إلى ذلك القرآن فقال (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء) حتى تأتي شيئاً فريا.

كما أن للجنين إرثا تناسليا من الأم ويصف (بويلمان) حالة أسرة بدأت بفتاتين أنسلتهما امرأة شرير سكير وأعقبا في خمسة أو ستة أنسال ٨٣٤ منها ١٠٧ نغلاً (ولد زنا) و٦٤ في الملاجئ و١٦٢ اتخذوا التسول مهنة و١٦٤ عاهرات و١٧ بين قواد وقرنان (لا غيرة له) و٧٦ حكم عليهم بالإعدام والباقون بين لصوص وقتلة.

وهناك أمثلة عديدة لا يتسع المجال لذكرها الآن ولكن قد يسأل سائل لماذا نرى في بعض الأحيان من قد ينحدر مريضاً من أب سليم؟ فالجواب على ذلك أن السبب في مرض الأجداد السابقين كما رأينا أن الخنزير البري الأبيض قد نشأ في ثالث دور من التناسل من أبوين أسودين راجعاً إلى لون جده الأبيض الأول.

فالأب والأم والأجداد ينقشون صفحاتهم في الأولاد، ويورثونهم ما فيهم من عناد، حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>