وفي (متحف الحكيم) صور أخرى متنوعة معجبة، ومما يسترعي الانتباه عنايته بتحليل النفس الإنسانية والتعمق في أغوارها، ومن أمثلة ذلك قصة (أريد أن أقتل) التي عرض فيها زوجين يتبادلان عبارات المحبة التي تبلغ إلى حد أن يتمنى كل منهما أن يجعل الله يومه قبل يوم الآخر! وهي عاطفة، مهما صدقت، لن تجاوز الشعور الظاهر، ولكنه يظل سائرا بهما حتى يقفهما أمام القتل الذي لا بد منه لأحدهما، فيبرز ما استكن في الأعماق من إيثار النفس، وإذا كل منهما يود أن يقدم الآخر فداء له. . وفي القصة أيضا لمحة بارعة إلى ما أحدثه الكبت في نفس الفتاة التي أرادت أن تقتل أي الزوجين، من اضطراب عصبي وقلق نفسي.
ومما يسترعي الانتباه أيضا في (متحف الحكيم) تصويره للمرأة تصويرا كريما لا يتفق مع ما وصف به من أنه عدو المرأة، فقد أتى لها بنماذج طيبة كتلك الفتاة العصرية المفكرة الواعية التي خطبت فتاها، ومثل (النائبة المحترمة) التي صور متاعبها في (الحياة النيابية) تصويرا جديا وانتهى بها إلى موقف مشرف كريم عندما اضطرت إلى الاستقالة من عضوية البرلمان. ولا شك أن عدو المرأة هو الذي يريد لها المتاعب، وها نحن نرى الأستاذ الحكيم على عكس ذلك، فما أحراه أن يكون (صديق المرأة).
والأستاذ الفنان يجنح في هذا (المتحف) إلى (التجسيم) تجسيم المحاسن والمقابح وعرض النماذج البشرية كما هي، مع نظراته في الحياة التي يلقيها على ألسنة أشخاصه، ولكنه يترك لك الحكم واستخلاص الحقائق، حتى السخرية لا يمعن فيها لأنه يكتفي بإبراز السمات ويدعك وشأنك معها. وهو يعنى بأن يقدم إليك طريفا يمتع نفسك أكثر مما يعمل على اجتذاب مشاركتك الشعورية في الجو الذي يصوره.
وبراعة الأستاذ توفيق الحكيم في الحوار مقررة معروفة وأساس هذه البراعة حرصه على الواقعية، بحيث ينطق الأشخاص بما يمكن أن يقولوه في الطبيعة والواقع، ويجري على الألسنة العبارات الحية التي تأتي حيويتها من التقريب بين اللغة الفصيحة واللغة الدارجة، بحيث يرفع من الثانية إلى الأولى. هذا وقد لاحظت خروجا عن واقعية الحوار في موضعين، الأول في ختام قصة (بين يوم وليلة) إذ جعل خاطب بنت الوزير وهو في موقف التملق لمدير مكتب الوزير لشدة حاجته إلى معاونته جعله يقول له: (إن صاحب