تحتفل الدوائر العلمية الأدبية في ألمانيا بمرور أربعمائة سنة على نشوء اللغة الألمانية الحديثة وترجمة الإنجيل إلى الألمانية. ولم تكن ألمانيا قبل أربعمائة عام تتمتع بلغة موحدة؛ وكانت اللغة اللاتينية ما تزال سائدة في الكنيسة والإدارات الحكومية، بل كان الشعب نفسه يجد في اللاتينية مثله الأعلى في الأدب والثقافة. ففي أوائل القرن السادس عشر ظهرت حركة الإصلاح الديني (البروتستانتية) على يد زعيمها مارتن لوتر، فكانت إيذاناً بقيام اللغة الألمانية الموحدة. وكان الشعب الألماني يتكلم عندئذ عدة لغات متقاربة ترجع كلها إلى أصل جرماني؛ فدرس لوتر هذه اللغات مع أصدقائه وتلامذته، واستخراج منها لغة عامة يتقارب الجميع في فهمها، واتخذ عمادها لغة ألمانيا الوسطى (سكسونية) التي ينتمي إليها، فأنشأ بذلك في الواقع لغة جديدة هي أصل اللغة الألمانية الحديثة، وكانت اكبر أداة في إذاعة هذه اللغة الموحدة ترجمة الإنجيل؛ ترجمه إليهالوتر، وعانى في هذه الترجمة صعابا لا تحصى. وقضى في إخراجها زهاء اثني عشر عاماً. وكان أثناء ذلك يلقي خطاباته ويخرج رسائله وكتبه باللغة الجديدة التي أختارها.
ولما ظهرت ترجمة الإنجيل الجديدة في سنة ١٥٣٤ في فتمبرج، كان ظهورها ظفراً عظيماً في الكنيسة وفي الأسرة معاً، وكان فجر اللغة الألمانية الجديدة. وطبع إنجيل لوتر أربع عشرة مرة في كل مرة ثلاثة آلاف نسخة، وذاع في طول البلاد الألمانية وعرضها، وأقبل الشعب على قراءه وحفظه، وبدأت الشعوب الألمانية المختلفة تتبادل التفاهم والتعامل بالغة الموحدة. وإنجيل لوتر هو الأصل الأول الذي تقوم عليه اللغة الألمانية المعاصرة مع شيء من التغيير والتطور، ومازالت لغته مفهومة لجمهرة المثقفين والمتعلمين.
في الأكاديمية الفرنسية
نقص عدد الخالدين أعضاء الأكاديمية الفرنسية في هذا العام خمسة، فأصبحوا اليوم خمسة وثلاثين بدلاً من أربعين؛ فحلت مقاعد بريمون وكاميل جوليان والماريشال ليوتي ثم بارتو وبوانكارية بالوفاة تباعاً. ولم تشهد الأكاديمية الفرنسية منذ أمد بعيد مثل هذه الثغرة في كراسيها. والمعروف أن المرشح لكرسي جوليان هو جورج دوهامل، ولكن ينافسه ليون