ولعدم ربط المؤلف بين الماضي التاريخي والحاضر الواقعي، وذلك بأن تكون المشكلة التاريخية شبيهة بمشاكل الحاضر الذي نعيش فيه، انقطعت صلة المشاهد بها، وبعدت عن مشاكل الحياة، وهي من أهم ضرورات المسرح.
ولقد كان الحوار مثقلاً بالعبارات الطويلة، والأوصاف والأخبار المملة، وبهذا انعدم التركيز في الحوار، وفقد الشحنة العاطفية التي تثير عقل المشاهد وقلبه.
قام بالإخراج الأستاذ زكي طليمات وسار فيه على المذهب الإيجابي الذي يرمز للكل بالجزء، فيجسم جزءاً من المنظر، ويكمله بالأستار. وبهذا استطاع أن يلاحق مناظر المسرحية الثمانية. وكان موفقاً في خلق جو المسرحية، ففي المناظر الخارجية صور الصحراء بخيامها؛ وسفح الجبل، والسماء الصافية، فبدت وكأنها لوحات رسمتها يد فنان. وفي المناظر الداخلية، أبرز قصر الولاية بالمدينة، وبالكوفة وواسط، في جو من الفخامة والترف متدرجاً في ذلك مع حياة الحجاج في تطورها.
وكانت الإضاءة ترمز للجو النفسي العام في الموقف المسرحي، وتضفي على المناظر هالة من السحر.
وكان المخرج ممتازاً في تحريكه للمجتمعات فلم نشعر بتكتلها أو جودها، واستطاع أن يطابق بين الإيقاع الحركي والإيقاع النفسي، فالمجموعات في حالة الحرب سريعة الحركة، وعند حصار القصر بطيئة لتصور جو الحزن واليأس الذي يثيره الموقف المسرحي.
وليس من شك في أن أثر المخرج كان بارزاً وراء كل ممثل، وكل حركة أو إشارة، فبدأ الجميع في وحدة فنية تتعاون على بعث الحياة على خشبة المسرح.
وقام الأستاذ زكي طليمات بدور الحجاج. وهذا الدور يمثل الحجاج شاباً صارماً طوحاً وينتهي بتصويره شيخاً قد أضناه المرض وخمدت في نفسه جذوة الطغيان والشر وبدأت عوامل الخير تصارع عوامل الشر نفسه، فأصبح مترددا بينها. وتمثيل مثل هذه الشخصية يحتاج إلى طاقة انفعالية قوية ليتسنى لممثلها أن يفصح عن باطن الحجاج الذي أضرمته غريزة المقاتلة، وأشعلته نزعة القسوة والظلم وقدرة الممثل على الانفعال في مثل هذا الدور ترجع إلى السن والتكوين العضوي وقد بذل الأستاذ زكي مجهوداً كبيراً ليعوض الفارق بينه وبين طبيعة الدور الذي يمثله معتمداً في ذلك على الحركة والصوت والانفعال بالقدر