وينأى عن الإنصاف، قد اتخذ الخيال الآثم معبره إلى الظنون، ومن طبيعة الظنون أن تثير الخواطر حين تفترض وجود الشبهات. . فلو أن الوشاة قد رأوا بعين الحقيقة لا بعين الخيال، لفرت بلابلهم، وهدأت مراجلهم، وأنصفوا الحقيقة المظلومة ورحموا الواقع الشهيد. ولكنهم للأسف لا يبصرون. . ولهذا يتقولون!!
وإذن فالمعنى الذي يهدف إليه الشاعر مستقيم لا التواء به واضح لا غموض فيه. ولو رجع الأديب الفاضل إلى الشطر الثاني من البيت الأول، لأدرك أن (الحركة النفسية) في قول جميل: (لقرأت) بلابله، مرتبطة كل الارتباط (بالحركة المادية) في قوله: لو (أبصره) الواشي. . وهذه هي (الرؤية الشعرية) الصادقة التي تعتمد أكثر ما تعتمد على دقة (العلاقة النفسية) بين حركتين: تعمل إحداهما في حدود الواقع المحس وتعمل الأخرى في حدود الواقع المنظور.
مع الفن الشهيد في العراق:
يصر حضرت الذين بعثوا إلى برسائلهم حول محنة الشاعر العراقي المطبوع الأستاذ عبد القادر الناصري على أن أفسح المجال لمشاعرهم الفياضة بالعطف عليه ليطمئن إلى أنه لا يقف وحيدا بلا نصراء. هذا المعنى الكبير الذي يسمون إليه قد سجلته لهم شاكرا على صفحات الرسالة، وأكتفي اليوم باختيار قصيدة للنشر في العدد القادم للأستاذ جعفر حامد البشير، معتقدا أنها يمكن أن تنوب عن هذه المشاعر الكريمة فيما تزخر به من نبل العاطفة وصدق الوفاء.