للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(واللحن الضائع) و (القلب المحطم) و (الشكوى الصامتة) و (جرح الألم) و (الصدى الخافت) و (جفاء الطبيعة). . . الخ

أما شعره في ذاته فلي عنه بعض ملاحظات أرى الرغبة في الإنصاف تقضي علي بسردها. أول ما ألاحظ عليه انه كثير الميل إلى المجازات والاستعارات الغريبة فيذكر في شعره كهوف الحياة، وقيثارة الحياة، وقبر الحياة، والفضاء الجمود، ولهيب الأنين، وجنان الخيال وعصير الشجون، وظلال الفتون. . الخ فضلا عن إتيانه بكثير من المعاني والأخيلة الغريبة فيتحدث عن الشمس مثلا عند الغروب بأنها:

تخفي الأسى خلف النخيل ... مثل ابتسامات العليل

ويقول:

نزل المساء برَجله ... وجرى الظلام بخيله

ويصف الفجر فيقول:

فإذا الجو غارق في اهتزاز ... كاهتزاز الأوتار دون (نشاز)

وخفوق لكنه باعتزاز

ويقول:

أعيش أشاطرهم بؤسهم ... وأملأ كأسي عصير الشجون

إلى غير ذلك من الصور والأخيلة الجزئية، فضلا عن الصور الكلية، وهي لا تقل عن هذه غرابة كقصيدة (الشاعر وموت عزرائيل) و (أغاني الربيع) وغيرها، وبهذه المناسبة أقول إن بعض شعراء الشباب قد استولت على أذهانهم فكرة غامضة هي فكرة الشعر الرمزي، يرددون هذه الكلمات دون أن يفهموا المقصود منها، وينظمون القصائد ويسوقونها مطلقة جامحة، وأي غضاضة في هذا، أليست من الشعر الرمزي؟! وهكذا يطلون الأعنة لأخيلتهم على غير هدى والى غير مقصد، ولا يخفي ما يجره هذا من الضرر على تفكيرهم ومثلهم وإني لا أخشى طغيان هذه الظاهرة واعدها من اكبر العقبات التي تقف في سبيل تقد الشعر العصري، ولا بد لشبابنا أن ينبذوا هذه الفكرة إذا أرادوا أن تنضج مدرستهم، وتبرز شخصياتهم وتحدد وجهاتهم.

والأديب الصيرفي فضلا عما تقد قليل العناية بقوافية وبلغته على وجه العموم، ولعله في

<<  <  ج:
ص:  >  >>