ذلك أيضاً متأثراً بفكرة أخرى يرددها بعض أدبائنا وهي أن الألفاظ يجب تضحي في سبيل المعاني، فما دام المعنى جيداً فلا عبرة باللفظ الذي يؤديه! وليت شعري كيف يكون اللفظ سقيماً والمعنى سليماً؟ إن للشعراء ألفاظاً خاصة ودبياجة خاصة، وروحاً خاصة، لا في اللغة العربية فحسب، بل في غيرها من اللغات، ولو أمن بذلك شبابنا لأخذوا أنفسهم بما يصلح أذواقهم ويصفي عباراتهم فيتم لهم الجمع بين جمال الفكرة وجمال أدائها
هذه هي بعض ملاحظاتي عن ديوان الصيرفي في موضوعه، أما عن شكله فأراني مضطرا إلى أن أصارحه بأننا نود أن نخلص من أمثال تلك المقدمات التي يجتهد أدباؤنا في الحصول عليها من أصدقائهم، تلك المقدمات التي تحشد فيها عبارات الإطراء من غير تحفظ، إذ أن هذا الإطراءيأخذ السبيل على القارئ، ثم هو من جهة أخرى لما يتضمنه من المبالغة يجعل القارئ ينتظر من الديوان ما يتفق مع عبارات المديح حتى إذا جاءه لم يجد فيه ما يحقق رغبته، وفي هذا ما فيه من تقويض دعائم النقد والاستخفاف بعقول القراء.
واحب قبل أن اختم كلمتي أن أشير إلى بعض قصائد في هذا الديوان سما فيها الشاعر سمواً عظيماً، ولو جرى في شعره على مثلها لكان لنا أن ننتظر منه أحد شبابنا المتفوقين، وتلك القصائد هي: البسمات الساخرة، والشجرة العارية، وتحت ضوء القمر، ووحي الشعر، وموت البلبل، وأشباهها.
الخفيف
الإنشاء التعليمي
تأليف الأستاذين محمد شفيق معرف ومحمد عبد الغني الأشقر
يقع هذا الكتاب في مجلدين أنيقين، على ورق مصقول. ولعله الأول من هذه الكتب الكثيرة التي أخرجها مؤلفوها يقصدون بها إلى الصغار التلاميذ لينهضوا بإنشائهم إلى المستوى الذي يريدون، فقد سلك هؤلاء المؤلفون جميعاً طريقاً واحدة، لا احسبها مؤدية بهم إلى الغاية المقصودة على الوجه الاكمل، لانهم قنعوا بأن يقدموا لتلاميذهم طائفة من الموضوعات الجيدة ليتخذها هؤلاء نماذج فيما يسطرون، ونحن نرى في ذلك قلباً للأوضاع وعكسا للمنطق، وكأننا بهؤلاء المؤلفين قد أرادوا أن يقفزوا بالصغار إلى سطح الدار دون