المسلمون وحدهم هم الذين يفهمون الإنسان بمعناه الصحيح لأنهم اتباع محمد. ومحمد وحده هو الذي أعلن حقوق الإنسان بهذا المعنى لأنه رسول الله. والله وحده هو الذي الهم رسوله هذه الحقوق لأنه أرسله رحمة للعاملين كافة.
أرسله رحمة للذين استضعفوا في الأرضلقلة المال كالمساكين، أو لفقد العشير كالموالي، أو لضعف النصير كالأرقاء، أو لطبيعة الخلقة كالنساء، فكفل الرزق للفقير بالزكاة، وضمن العز للذليل بالعدل، ويسر الحرية للرقيق بالعتق، وأعطى الحق للمرأة بالمساواة.
والمستضعفين الذين رحمهم الله برسالة محمد لم يكونوا من جنس مبين ولا من وطن معين؛ إنما كانوا أمة من أشتات الخلق وأنحاء الأرض اجتمع فيها العربي والفارسي والرومي والتركي والهندي والصيني والبربري والحبشي على شرع واحد هو الإسلام، وتحت تاج واحد هو الخلافة. والإسلام الذي يقول شارعه العظيم (ولقد كرمنا بني أدم) لم يخص بالتكريم لوناً دون لون، ولا طبقة دون طبقة. إنما ربأ ببني أدم جميعاً أن يسجدوا لحجر أو شجر أو حيوان، وأن يخضعوا مكرهين لجبروت كاهن أو سلطان.
كان اليهود يزعمون انهم أبناء الله وأحباؤه وسائر الناس سواء والعدم! وكان الرومان يدعون انهم حكام الأرض وما سواهم خدم! وكان العرب يقولون انهم أهل البيان وماعداهم عجم! وكان الهنود يعتقدون أن الله خلق البراهمة من فمه والراجيوت من عضده والمنبوذين من رجله ولا يستوي الأمر بين راس وكتف وقدم! وكان النظام الاجتماعي كله قائمة على الامتياز بالجنس أو بالدين، وعلى السيادة بالنسب أو بالمال، حتى جاء محمد اليتيم الفقير الأمي بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله؛ فأعلن المساواة بقول الله عز اسمه:(إنما المؤمنون أخوة)(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، أن أكرمكم عند الله اتقاكم) وأكدها بقوله صلوات الله عليه: (الناس سواسية كأسنان المشط)(لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، كلكم لآدم وآدم من تراب).
ثم كان الرقيق والمرأة شيئين من الأشياء لا يملكان ولا يتصرفان، فضيق الإسلام حدود الرق، وجعل كفارة الذنوب على الصدقة والعتق، وسوى بين الرجال والنساء في الحق والواجب.
ثم أعلن حرية العقيدة بقول الله تعالى:(لا إكراه في الدين وقد تبين الرشد من ألغى) (ولو