الشعائر ونخضع للكثير من الأباطيل والخرافات التي تلتبس بشعائر الدين، وضربنا سوراً حول المشتغلين بالدراسات الإسلامية وعرفناهم بزي خاص وسيماء معينة وسميناهم روحانيين. ثم سمينا أنفسنا (ديمقراطيين) وأخيراً حلا لنا لفظ (الاشتراكية) فاتخذناه أو ادعيناه كما ادعينا الديمقراطية من قبل.
ولنفرض أننا الآن أردنا أن نعود إلى الإسلام بمعناه الحقيقي الكامل، مع استمرار سيرنا في ركب الحضارة العالمي، فهل يمكن ذلك؟ وماذا ينبغي أن نفعل؟
اعتقد أولا أنه لا يقف في سبيل ذلك إلا فهمنا المخطئ لحقيقة الإسلام، وأول شئ أن نصلح هذا الخطأ في عقولنا، ثم نعمل بمقتضى هذا الإصلاح.
والعجيب أن كثيراً منا يدافعون عن الإسلام بما لا يجعله صالحاً لمسايرة التقدم الإنساني، فيثلبون النظم الغربية لأنها مادية وأما نحن فقد صفت قلوبنا من المادية لأننا روحانيون. .! فهل نحن كذلك، أو هل ينبغي لما أن نكون كذلك؟ لقد أشرت قيما تقدم إلى أن لإسلام ينظر إلى الحياة كوحدة كاملة، حياة تسودها الضرورات المادية ويحكمها الضمير أو الوازع الذي ينظم التكامل الاجتماعي ويربطه برباط مكين.
إن الإسلام لم يهمل الجانب العملي في الحياة، بل حث عليه ودعا إليه، قال الله تعالى:(يا أيُها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسمعوا إلى ذكر الله وذروا البيع. ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون. فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده).
بل أن الإسلام قدم الجانب العملي في الحياة على الجانب التعبدي، ورفع الأول على الثاني في بعض المواطن. روى أنس: كنا مع النبي في سفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلا في يوم حار، أكثرنا ظلا صاحب الكساء، فمنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال الرسول صلوات الله عليه وسلامه: ذهب المفطرون اليوم بالأجر كله.
وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم رجل كثير العبادة فقال: من يقوم به؟ قالوا: أخوه. قال: أخوه أعبد منه.