من الجسد يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس) والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة مستفيضة. وقد محت الرابطة الإسلامية الفوارق بين الناس، فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى فلا جنسية ولا لون ولا إقليمية ولا شيء مما إلى ذلك يفرق بين الناس، وقف سلمان الفارسي يقسم الغنائم بين المسلمين في إحدى الوقائع بين المسلمين والفرس، وفي الغنائم جواهر فارس وتيجان كسرى، فنظر إليه أحد زعماء الفرس مغيظاً وقال: يا سلمان إنها أمجاد قومك تسلمها لهؤلاء العرب! فقال سلمان: لست من أبناء الفرس، وإنما أنا ابن الإسلام.
وقد كفلت المبادئ الإسلامية السعادة لجميع أفراد المجتمع، وإن كانت هذه المبادئ تحتاج في هذا العصر إلى اجتهاد وتنظيم لتوافق روح العصر وتساير الركب؛ وهي حافلة بالذخائر التي يجب أن نكد في استخراجها ونحسن تطبيقها. هذا هو الضمان الاجتماعي التي تقوم بهالآن وزارة الشؤون الاجتماعية، ليس جديداً على الإسلام، فقد كان يعمل به العصور الإسلامية المتقدمة. ومما يتصل بذلك ما حكى عن عمر أنه يشيخ كبير يسأل الناس فسأله حاله، فلما عرف ضعفه وحاجته، قال له: لقد ظلمناك، أخذنا منك الجزية في شبابك ولم ننصفك في كهولتك وأمر له بدينارين كل شهر من بيت المال.
وأحب أن أنبه إلى نقطة مهمة في هذا الموضوع، وهي أن الإسلام لا يقصد بتشريعه المسلمين وحدهم، وإنما هو يعتبر المواطنين من أهل الأديان الكتابية الأخرى كالمسلمين، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم فهم أفراد من الأمة يظلمهم النظام الإسلامي كما يظل المسلمين، وهم أحرار في عباداتهم، ولكنهم يشاركون المسلمين في الحقوق والواجبات، فكل نظام إسلامي يشمل من يعايش المسلمين في بلادهم من أهل الكتاب، فهو يعتبرهم (إسلاميين) فالإسلام يجمعهم والمسلمين، وإن كان لكل عبادته، وهذه نقطة أخرى تدحض من يصف الدولة الإسلامية بأنها دينية على معنى أنها تقوم على صالح من ينتمي إلى الدين الإسلامي فقط.
الإسلام ذخيرتنا وفيه كل ما نحتاج إليه، وهو نظام عالمي يكفل للناس الحرية والإخاء والمساواة ويجب أن نحرص عليه وندعو إليه لا أن نتركه ونستجيب لدعوات النظم الأخرى.