شعارهم، (يا أيها الذين آمنوا، إذا لقيتم فئة فاثبتوا، واذكروا والله كثيرا لعلكم تفلحون، وأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا، إن الله مع الصابرين)
ومنها أن تكون العقيدة هي التي تدفعهم إلى الجهاد، لا محبة الاعتداء، ولا الغرور والرياء، وقد سبق أن بيتنا كيف نعى على المشركين غرورهم وبطرهم. وللعقيدة أثرها في الروح المعنوية، حتى لقد جعل القرآن الرجل المؤمن ذا العقيدة يساوي عشرة من المسلمين في الميدان القتال، ثم خفف الله عنهم وجعله يضارب رجلين.
ومنها الحزم في معاملة العدو، وعدم الظهور بمظهر الضعف، لئلا يظن العدو فيهم وهنا، فهؤلاء الذين لا يحترمون عهودهم إذا عقدوا عهدا - جدير، أن يكونوا عظة لغيرهم، وأولئك الذين يضمرون الخيانة حريون بأن ينبذ إليهم عهدهم؛ ويوصي القرآن بإعداد القوة والعناية بأمرها، لما طبعت عليه النفوس البشرية من خوف القوة والجدير منها، فقال:(واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرون من دونهم، لا تعلمونهم، الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم، وأنتم لا تظلمون)
وتحدثت السورة كذلك عن تقسيم الغنائم ومعاملة الأسرى، وختمت بالثناء على هؤلاء الذين جاهدوا في تلك الغزوة، وأبلوا فيها أحسن البلاء من المهاجرين والأنصار، ووعدهم بأكرم الوعود، قال سبحانه:(والذين آمنوا، وهاجروا، وجاهدوا في سبيل الله، والذين آووا ونصروا، أولئك هم المؤمنون حقا، لهم مغفرة ورزق كريم)
أرأيت كيف تنوعت أغراض السورة، بين وصف لنفسه الفريقين المتقاتلين، وعمل على تقوية الروح المعنوية في نفوس المؤمنين، وتحطيم هذه القوة عند المشركين، وكيف يقف الدين الجديد إزراء هؤلاء المشركين موقف الحزم المشوب بالرحمة وفتح باب الأمل، وكيف كانت الغزاة سببا في سن تعاليم جديدة توطد للدين الناشئ أقدامه، وتهدم ما بناه المشركون من أوهام وخرافات المهاجرين والأنصار، ويؤلف بين قلوبهم