تربط كل منزل بالمجرى الرئيسي.) ولقد زار ناصر خسروا المسجد الأقصى فرأى هناك (ميازيب من الرصاص ينزل منها الماء إلى أحواض حجرية تحتها هذه الأحواض ليخرج منها الماء وبصب ي الصهاريج قنوات بينها غير ملوث أو عفن)
ويبدو أن العناية بالمرافق العامة كانت مبذولة في مختلف البلاد الإسلامية صغيرها وكبيرها، فمن وصف ناصر خسروا لمسجد (ميافارقين) في فارس أن (لميضأته أربعين مرحاضا تمر أمامنا قناتان كبيرتان: الأولى ظاهرة ليستعمل ماؤها، والثانية نحن الأرض لحمل الثقل والصرف) ومن صفة لمسجد (آمد)(أن به ميضأة عظيمة جميلة الصنع بحيث لا يوجد أحسن منها) وكذلك من وصفة لسوق طرابلس الشام أن فيها مشرعة ذات خمسة صنابير يخرج منها ماء كثير، ويأخذ منه الناس حاجتهم) ويذكر ابن دقماق عن وزير لآل طولون أنه (عمل المجاري في سنة ٣٠٤ أو ٣٠٣ هـ. وكشفت حفريات الفسطاط عن كثرة المعدات الصحية وانتشارها فيها؛ يقول صاحبا هذه الحفريات المرحوم علي بك بهجت والمسيو ألبير جبرييل في هذا الشأن: (يستدل من كثرة المعدات الصحية وانتشارها على زيادة العناية بأمور الصحة العمومية لأنا لم نر داراً خلت من وجود مجارير للمراجعة حيض متسلطة على بيارة تنصرف إليها مياه الدار) وقد وصف هذان الأثريان تفضلاً نظم بناء المراحيض والمجاري بالفسطاط ونظم توزيع الماء في هذا البلد، سواء بالآبار أو بالقنوات والأنابيب أو بالفساقي وأحواض غسل الأيدي فنستدل من هذا الوصف على تقدم في الهندسة الصحية. ونقل المؤلفان عن مخطوطات في الحسبة بمكتبة الجامعة الفرنسية ببيروت نصا مؤداه أنه لا يجوز لأحد إخراج كل ما فيه أذية وأضرار على السالكين في الشوارع كمجاري الأوساخ الخارجة من الدار في زمن الصيف إلى وسط الطريق، كما نقلاأيضاًنصا يفيد أن على من ينقلون السماد إلى ظاهر البلدان أن يحفروا له حفائر، فإذا نقل إليها يطم عليه حتى تنقطع رائحته، فلا يتأذى منه أحد، ويمنعون من نقل ذلك إلى الماء وطرحه فيه أو ما حوله.
ومن القواعد الشرعية الإسلامية أنه كان لدار مسيل قذر في الطريق العام، وكان مضرا بالعامة، أو حتى الطريق الخاص وكان ضرره ولو كان قديماً ولا يعتبر قدمه.
وهكذا تتظاهر أدلة التاريخ الآثار والشريعة في الشهادة بأن النظم الإسلامية أولت الصحة