ذنوبي فلا تنفتح له أبوب رحمتك حين أناديك من أعماق قلبي: يا ربي
أنا - يا سيدي - لا أخشى البطشة الكبرى لأنني أطمع في رحمتك العظمى.
ولا أخاف الثورة العاتية لأنني أرنو إلى بسمتك الرقيقة ولا أتهيب العاصفة الهوجاء لأنني أهفو إلى صفائك الرقراق ولا أفرق من كسف الظلام لأنني أنظر في شغف إلى فلق الإصباح.
فأنت علمتني أن القوى لا يعبأ بالضعيف، وأن العظيم لا يتحدى الضئيل.
وأنت علمتني أنني شعاع من فيض نورك الذي يغمر العالم وأنني نغمة من اللحن الساحر الذي ينبعث - دائماً - من بابك الخالد.
وأنت لم تعلمني الدين الذي يبذر في القلب الرهبة ويغرس في النفس الخنوع وينبث في الروح الخوف ويقيد بالاستسلام بل علمتني الدين الذي يبذر في القلب الجرأة ويغرس في النفس العظمة وينفث في الروح الشجاعة ويدفع الهمة إلى القمة فدعني أحس من عطفك في أوتار قلبي حين أجلس إليك في خلوة.
فأنا أخشى ألا يبلغ صوتي الضعيف موطئ عرشك حين أناديك من أعماق قلبي: يا ربي!
أزح عني خبث الطمع الذي يستلب الإنسان من الإنسانية ونقني من شوائب الأماني الزائفة التي تطفئ من النفس الأنوار الروحانية.
وادفع عني الكبرياء التي تسم الروح بالغرور ونجني من الخديعة التي تنحط بالرجل عن معاني الرجولة واجعلني - في أخلاقي - طفلا لم تدنسه الحياة فالطفل لا يعرف المعاني الشيطانية في العداوة والبغضاء والغيظ، ولا يعرف الأحقاد التي تحيل الحياة الناعمة إلى جحيم يتلظى اجعلني - في أخلاق - طفلا لم تدنسه الحياة ثم لا تثقلني بأعباء الرجل الذي يتمرغ دائماً في الثرى الأرضي.
فأنا أطمع أن أكون إلى جانبك أبداً ليرقي إليك صوتي الضعيف حين أناديك من أعماق قلبي يا ربي!
لقد قضيت عمراً طويلاً على نفسي، وأخلو إلى عبادي وأسكن إلى تسابيحي وانطوت سنوات وصوت السماء يناديني: يا عبد؛ إن الألوهية لا تعيش بين الجدران، فانطلق في فجاج الأرض لترى العظمة وتلمس القوة وتسمع الألحان العذبة. . ولتجد الحقيقة.