ولكن ذنوبي كانت قد طمت على روحي فلم أعد أسمع الحق فلما صفت روحي من الخبث وتطهرت نفسي من الرجس، طرت من خلوتي لأراك - يا إلهي - وألمسك وأسمعك
حينذاك، عرفت أنني ضيعت عمري في شيء لا غناء فيه، فاغفر لي - يا إلهي - جهلي وغفلتي.
آه، يا قلبي، إن إيمان الراهب هو إيمان شيطاني أبله فدعني يا إلهي أكفر عن رهبانيتي الحمقاء بالكد والجهاد في لظى الحر وزمهرير البدر، لأكون إلى جانبك أبداً فيرقي إليك صوتي الضعيف حين أناديك من أعماق قلبي: يا ربي!
امنحني - يا إلهي - القوة لأحمل آلاءك العظام وامنحني الهدوء الذي يسع حماقة أهلي وجهل أخي وامنحني العقل الذي يغفر زلات أقاربي وبغضي عن أخطاء رفاقي.
وامنحني القدرة على أن أقيل عثرات جارى
وامنحني العزة التي تترفع عن تفاهات الحياة
وامنحني الكبرياء التي تسمو النزوات الطائشة
وامنحني الخضوع الذي لا أتعبد به إلا لك أنت وحدك فأعيش فوق الناس جميعاً، ثم امنحني العطف الذي يتدفق من لدنك ليمس أوتار قلبي في رقة وأنا أناديك من أعماق قلبي: يا ربي
كلما ذكرتك يا إلهي - أحسست بالراحة والهدوء والسعادة فعلمني كيف أناديك نداء رقيقاً تنفتح له أبواب رحمتك وعلمني كيف أنطلق في هدوء إلى محرابك أتنظر فيض نورك وألهمني النشيد الإلهي العذب لأوقعه على أوتار قلبي في خشوع فيملأ حياتي بالسعادة ويفعم روحي بالطمأنينة.
ثم احبني بالقيثارة السماوية لأعزف عليها النشيد الإلهي العذب كما ذكرتك عسى أن نغماتي موطئ عرشك كلما ناديتك من أعماق قلبي: يا ربي!
وإذا شئت - يا إلهي - أن تقطف هذه الزهرة الغضة النضيرة - حياتي - لتطهرها من الدنس الأرضي وتضمها إلى أزاهير جنتك الوارفة، فلا تقطفها حين تعصف بها لإواء الحياة وشدة الأسى وغلظة اليأس؛ ولكن أقطفها وهي غضه تمرح بين ندى الصباح وبسمات الفجر، وقد هزها الطرب وأفعمها النشاط وتأريج منها العطر وتألق فيها النور،